Page 63 - Pp
P. 63
لولا ب َّطه
لولا (ب َّطة) لكان هادي طع ًما لسمك القرش والج ّري ولكل
الكائنات الحية السابحة في نهر «الحلَّة»َ ،من ِمن بعده سيغني
لأصحابه في «مقهى الجندول» وفي غير مقهى الجندول أغاني
محمد عبد الوهاب التي ما أبدع في تقليدها شخص مثل هادي
وبشكل خاص أغنية «لما انت ناوي تغيب على طول» .محمد عبد
الوهاب ذكي ج ًّدا كما يقول هادي ،ألحانه الخالدة لم يعطها
لغيره من المغنين بل خ َّصها لنفسه وهذا دليل على الدهاء والفهم
والقدرة في تقييم الأمور ووضع كل شيء في مكانه الصحيح،
وأغنية «لما انت ناوي» احتفظ بها لنفسه وهل هناك ما هو أعز
من النفس في أمور مثل هذه ومثل غير هذه! غنَّاها عبد الوهاب
فأبدع فيها أ َّيما إبداع.
كان هادي في البيت بعد ظهر ذلك اليوم وقد شعر بالملل
والإحباط يحيطان به من كل جانب ،وكان حزينًا حينًا وقل ًقا حينًا
آخر ،ليس في جيبه ما يكفي من النقود ،فالمال ربما يساعده في
إزالة الملل والغ ِّم وأشياء كثيرة أخرى ،لكنه فكر :ربما المال لا
يأتيه بجديد ،ما الذي يفعله إذا كان الحبيب بعي ًدا عنك ،أو راح
إلى عش غيرك.
أثناء انشغاله بهذه الأفكار وغيرها وصله خبر ب َّطة ،معبودته
الفاتنة ،أمله الذي لا أمل له من بعده ،وقد نزلت تسبح في النهر،
63