Page 87 - Pp
P. 87

‫قال‪ :‬وأنا رافقتك إلى هنا لأنام تحت سقف! ادخل واتركني‬
‫وسط هذه الطبيعة‪ ،‬فوقي النجوم وحولي أزهار الجوري‬

                                           ‫وأشجارالنارنج‪.‬‬
         ‫قلت‪ :‬سأجلب لك ملاب َس للنوم وأجلب لك الفراش‪.‬‬
‫قال‪ :‬أرجوك‪ ،‬تعال في الصباح‪ ،‬ولا تنس أن تعد لي فطو ًرا على‬

                                                   ‫مزاجك‪.‬‬
                              ‫قلت‪ :‬وهو كذلك‪ ،‬كما تحب‪.‬‬
‫جئته بالفراش وملابس النوم‪ ،‬فانطرح على الفراش وعيناه‬
                           ‫تتابعان منظر النجوم المعلقة فوق‪.‬‬
‫قال‪ :‬أعطني الناي وغني‪ ..‬رحمك الله يا جبران خليل جبران‪،‬‬
                               ‫لم ينشد أشعاره تلك اعتبا ًطا‪.‬‬
‫نظر إلى النجوم وكان لحاله‪ ،‬فميَّز درب التبانة‪ ،‬وعثر على‬
‫بنات نعش‪ ،‬وعندما كان يبحث عن المشتري‪ ،‬خطف قط من جانب‬
‫أذنه ووقف على مرمى حجر يتطلع إليه‪ ،‬قال في نفسه‪ :‬هذا جزء‬
‫من الطبيعة البكر‪ ،‬أخذ القط يموء وبعدها صاح على شكل نداء‬
‫طويل‪ ،‬رفع رأسه‪ ،‬وعندما لمع ضوء خاطف على وجه القط‪ ،‬عرف‬
‫أنه كان بعي ٍن واحدة‪ ،‬قال‪ :‬أيها الأعور النذل‪ ،‬لا تع ِّكر علي ما أنا‬
‫فيه‪ .‬ماء القط ثانية‪ ،‬فردت عليه من هنا وهناك قطط أخرى‪ ،‬صاح‬
‫فصاحوا وصاح فصحن‪ ،‬اختلطت موسيقا الكر والفر‪ ،‬الإقدام‬
‫والتقهقر‪ ،‬هذا يريد وذاك لا يريد وتلك تريد وهكذا جرى الحال‬
                      ‫فما توقع الأستاذ حسن أن يحدث ذلك‪.‬‬
‫من شباك غرفتي‪ ،‬في الدور الثاني‪ ،‬أستطيع أن أتطلع إلى‬
‫الشارع أمام البيت ومنه أي ًضا أستطيع أن أشرف على باب‬

                                                                              ‫‪87‬‬
   82   83   84   85   86   87   88   89   90   91   92