Page 85 - Pp
P. 85

‫كما تحب‬

‫قراءاته الأولى وهو في الإعدادية‪ ،‬لأدب وشعر جبران خليل جبران‪،‬‬
‫جعلت من الأستاذ حسن رومانسيًّا‪ ،‬فشعر جبران الغنائي مثل‬
‫«أعطني الناي وغنِّي» وكتاباته الأخرى أخذت بلُبِّه‪ ،‬لأنها تعبر عن‬
‫أحاسيسه الداخلية هو بالذات‪ .‬وعندما درس الأدب الإنجليزي في‬
‫الجامعة‪ ،‬أصبح الشعراء الإنجليز «الرومانسيون» لا يعلو عليهم‬

   ‫أحد‪ ،‬لقد أثروا عليه وعلى حياته وطريقة تعامله مع الآخرين‪.‬‬
‫في بداية تعارفنا‪ ،‬بعد أن أنهى دراسته الجامعية‪ ،‬وصار‬
‫مدر ًسا في أحد مدارس مدينتنا الإعدادية‪ ،‬انضم إلى مجموعة من‬
‫يلتقون كل ليلة في «نادي المعلِّمين» وأنا معهم‪ ،‬قلت له مرة‪ :‬كيف‬
‫توفق بين رومانسيتك‪ ،‬وبين ما أنت عليه في الحياة‪ ،‬مث ًل‪ :‬البيت‬
‫المتداعي الذي تعيش فيه‪ ،‬الذي لا أثر فيه لأي لون أخضر‪ ،‬لا‬
‫تفتح فيه نافذة لأن الروائح الزنخة تنفذ إليك من الطريق القذر‬
‫لتع ِّشش في الزوايا‪ ،‬بكاء الأطفال وصراخهم العالي‪ ،‬الشجار الذي‬
‫يتصاعد دائ ًما من الجيران‪ ،‬بسبب أو بلا سبب‪ ،‬الرومانسية يا‬
‫أستاذ حسن‪ ،‬تعتمد على عالم الطبيعة‪ ،‬والركون إلى أحضانها‪،‬‬
‫واستشعار حنانها‪ ،‬وروعة جمالها‪ ،‬وكذلك مناجاتها‪ ،‬واعتبارها‬
‫بمثابة الأم‪ ،‬هذه الطبيعة هي التي ألهمت جبران خليل جبران فقد‬
‫عاشها في لبنان وعاشها في المهجر والتمس منها العزاء‪ ،‬فأين‬

                                                                              ‫‪85‬‬
   80   81   82   83   84   85   86   87   88   89   90