Page 168 - merit 36- dec 2021
P. 168

‫العـدد ‪36‬‬                                      ‫‪166‬‬

                 ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬                                   ‫ثمة علاقة بين الشعر‬

                 ‫ومنبهات الوعي بالوقت وإيقاع‬                 ‫والوجود‪ .‬فما الوجود الذي‬
                                                          ‫أعنيه؟ وما الشعر؟ رأيت هده ًدا‬
                 ‫الحياة‪ ،‬واستشعار الخوف على‬
                                                               ‫في حديقة بيتي يضرب في‬
                 ‫الحياة أو الوجود في الحياة‪.‬‬                ‫التربة ممعنًا في حركة منقاره‬

                 ‫والوعي الإرادي هو وعي‬                       ‫يمينًا ويسا ًرا‪ ،‬ثم يرفعه إلى‬
                                                             ‫أعلى وكأنه مبتهج بما فعل‪،‬‬
                 ‫الإنسان المبني على العقل بما‬                 ‫ويطير في الفضاء في دائرة‬
                                                            ‫واسعة حتى كأنك تشعر أنه‬
                 ‫يعني اختزان تجربة الإنسان‬                 ‫غاب بعي ًدا عن ناظريك‪ ،‬وفجأة‬
                                                          ‫يهبط في حركة رأسية إلى البقعة‬
                 ‫على الأرض ونقضها بالنفي‬                      ‫الضيقة التي كان قد أوغل‬
                                                             ‫بمنقاره فيها‪ ،‬بحثًا عن صيد‬
                 ‫والإيجاب‪ .‬ويتجلى هذا الوعي‬                ‫ثمين ربما لم يفز به في الجولة‬

                 ‫في لونين من المعرفة‪ :‬المعرفة‬                                  ‫الأولى‪.‬‬
                                                              ‫يمارس الهدهد هذا السعي‬
                 ‫العلمية وطريقها التجربة‬                     ‫بدأب كل يوم صبا ًحا وقرب‬
                                                            ‫زوال الشمس‪ .‬أشعر أنه فرح‬
                 ‫والبرهان‪ ،‬والمعرفة الحدسية‬                  ‫بسعيه اليومي‪ ،‬وأن وجوده‬

                 ‫وطريقها القلب والوجدان‪.‬‬                         ‫وجود ممتليء بالغايات‬
                                                            ‫والأهداف‪ .‬ومن هذه الغايات‬
                 ‫وكلاهما علم لا يستغني عن‬
                                                                ‫الجمال الكائن في الطيور‬
                 ‫الحواس‪ .‬وعلم القلب والوجدان‬               ‫والنباتات والمياه‪ ،‬وفي الشمس‬
                                                          ‫والقمر واتساع الفضاء‪ ،‬وتقلب‬
                 ‫علم صعب المنال‪ ،‬لأن طريق‬                  ‫الليل والنهار‪ ،‬والنكاح الساري‬
                                                            ‫في جميع الذراري‪ ،‬وفي الموت‬
                 ‫الوصول إليه طريق طويل‬                     ‫والحياة‪ ،‬وفي انبثاق الحياة من‬
                                                           ‫الميت‪ ،‬وانبثاق الميت من الحي‪.‬‬
                 ‫ومرهق‪ ،‬ولكنه ممتع ومبهج‬
                                                               ‫هذا الهدهد بسعيه المعتاد‬
                 ‫وباعث على الفرح‪ ،‬والتعبير‬                 ‫والمتكرر هو الوجود بما يعني‬
                                                            ‫الوعي بالإطار المحيط بالكائن‬
                 ‫عنه حين يمتليء القلب ويفيض‬                 ‫الحي‪ ،‬سواء أكان هذا الوعي‬
                                                           ‫وعيًا إراد ًّيا أو وعيًا فطر ًّيا على‬
                 ‫الوجد‪ .‬والسعي في طلب هذا‬
                                                              ‫نحو ما يفعل الهدهد وعالم‬
                 ‫العلم سعي فردي خالص يسلك‬                      ‫الحيوان والطيور والنبات‬
                                                            ‫والحشرات وغيرها‪ .‬وإذا كان‬
‫د‪.‬أحمد يوسف علي‬    ‫طري ًقا قد لا يشبه السابق‪،‬‬              ‫الوعي الفطري وعيًا غير مبني‬
                 ‫ولا يوحي إلى اللاحق بالتقليد‬             ‫على العقل‪ ،‬فهو مبني على القلب‬
                                                           ‫الذي يختزن إشارات الحركة‪،‬‬
                 ‫والاتباع‪ .‬وهو‬
‫علم الأسرار كتابة الشعر‪..‬‬
                                               ‫والحالات‪.‬‬

                 ‫هذا الوجود‬

                 ‫بشقيه الفطري‬

                 ‫والإرادي‬

                 ‫وجود يقظ‬

                 ‫نشيط متضافر مع كائنات‬

                 ‫الإطار المحيط بجانبيه الطبيعي‬

                 ‫والاجتماعي‪ .‬واللافت أن‬

                 ‫الإنسان هو مدار الوجود اليقظ‬

                 ‫أو الوجود الخامل‪ .‬وأن الجمال‬

                 ‫كامن في الكائنات كلها‪ ،‬وأن‬

                 ‫اكتشافه لا يتيسر للإنسان‬

                 ‫إلا بالتفاعل الحسي الذي يعد‬
                 ‫مدخ ًل للوجدان‪ ،‬والتعبير عنه‬
   163   164   165   166   167   168   169   170   171   172   173