Page 172 - merit 36- dec 2021
P. 172

‫العـدد ‪36‬‬                                ‫‪170‬‬

                                ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬                             ‫إلى بعضها البعض‪ -‬يعني‬
                                                                      ‫فيما نرى رغبة قوية في ملء‬
    ‫ثم» مقهى قايتباي» خمسة‬       ‫مع هذه التفاصيل‪ .‬وكذا الأمر‬          ‫مساحات فارغة من الوجود‬
                     ‫أسطر‪:‬‬           ‫مع «انفجارات إضافية»‪،‬‬             ‫المادي والعاطفي‪ ،‬كما يعني‬
                                     ‫فالصفة تعين الانفجارات‬
       ‫«تضيق قمصاننا فجأة‬           ‫وتجعلها لاحقة لما سبقها‪،‬‬             ‫في ضوء رؤيتنا التحليلية‬
           ‫فنشد الرحال إليه‬          ‫ولكنها لا تحمل صراحة‬                ‫أن الوجود المتشظي كما‬
                                                                      ‫يعانيه داود يصعب اقتناصه‬
 ‫نحتفي بطموحنا ونقول شع ًرا‬         ‫الإخبار عن نفسها‪ ،‬ومثلها‬          ‫والسيطرة عليه إلا إذا تحول‬
‫يرتمي بين الدخان غيابنا‪ :‬طف ًل‬   ‫«الشتاء القادم»‪ ،‬وهذا يختلف‬            ‫إلى لغة‪ ،‬بوصف اللغة بيت‬
                                  ‫عن «مطر خفيف في الخارج»‬            ‫الكائنات الذي تأوي إليه‪ ،‬وأن‬
     ‫فقد اشتهاء اللهو والثوب‬     ‫الذي لا يقول جدي ًدا عن المطر‬       ‫هذه الكائنات تن ُّد عن الحصر‬
                   ‫الجديد»‪.‬‬                                            ‫والتتبع‪ ،‬لكثرتها وشيئيتها‪،‬‬
                                   ‫الذي عينت الجملة مكانه في‬          ‫ولا يضع لها حدو ًدا جمالية‬
      ‫ونجد «عله كان» خمسة‬            ‫الخارج خو ًفا من التباس‬            ‫ووجودية فعالة إلا الكتابة‬
            ‫وعشرين سط ًرا‪:‬‬                                            ‫الشعرية‪ ،‬وهذا ما فعله داود‬
                                ‫المكان‪ ،‬أو إبلا ًغا لأحد بأن المطر‬    ‫الذي يجري وراءها بوصفها‬
    ‫«عله كان حلما تثاءب قرب‬               ‫مستمر في الخارج‪.‬‬           ‫سرا ًبا يغريه بمزيد من الأمل‬
                     ‫انفجار‬
                                  ‫هذه العناوين الناقصة بنائيًّا‬                 ‫ومزيد من الألم‪.‬‬
   ‫الحروب التي لا تفارق صبًّا‬        ‫والمثيرة دلاليًّا هي علامة‬          ‫ولو وقفنا قلي ًل عند هذه‬
                 ‫يناشد وجه‬                                               ‫العناوين‪ ،‬لوجدنا أنها إما‬
                                   ‫على أمرين‪ :‬الكتابة الشعرية‬        ‫جملة ناقصة مثل «تفاصيل»‪،‬‬
   ‫السماء البعيدة كالمستحيل»‪.‬‬     ‫التي تنطوي عليها‪ ،‬والوجود‬            ‫وإما جملة كاملة مثل «مطر‬
‫فهي طويلة نسبيًّا بالقياس إلى‬    ‫الخارجي الذي يتفلت من بين‬          ‫خفيف في الخارج»‪ ،‬وأن هذين‬
                                   ‫يدي داود فيقتنصه باللغة‪.‬‬              ‫النمطين من الجمل جمل‬
  ‫معظم كتابات داود الشعرية‪.‬‬       ‫وهذه الكتابة الشعرية كتابة‬         ‫اسمية لم يتصدرها اسم علم‪،‬‬
‫ثم نجد الكتابة الشعرية الطويلة‬    ‫متفاوتة مثل تفاوت أسمائها‬           ‫بل تصدرها مصدر دال على‬
 ‫مثل «إلى رجل أحبه» و»قليل‬                                           ‫حدث وغير دال على زمن مثل‬
                                     ‫التي تحملها‪ ،‬وهي تمثيل‬          ‫«تفاصيل»‪ ،‬ومثل»انفجارات»‪،‬‬
  ‫من الوجد» و»لوحات»‪ .‬أما‬       ‫للوجود عبر اللغة التي تماست‬            ‫ومثل هذه الجمل تشير إلى‬
  ‫الأولى فتقع في الصفحات من‬                                           ‫حدث وجودي مثل «انفجار»‬
                                    ‫مع الخيال أحيا ًنا‪ ،‬وتخلت‬           ‫أو طبيعي مثل «المطر»‪ ،‬أو‬
        ‫‪ 41 -35‬وتبدأ بقوله‪:‬‬       ‫عنه أحيا ًنا أخرى‪ .‬ونجد هذا‬       ‫حدث ذاتي مثل «حالة مشي»‪،‬‬
 ‫«لرائحة اغترابك نكهة الصوفي‬                                            ‫ويجمع بينها جمي ًعا دلالة‬
                                    ‫التفاوت واض ًحا من حيث‬               ‫الإخبار الموجودة في بنية‬
          ‫ساعة عريه والليل‪..‬‬       ‫الحجم والكم‪ ،‬بين كل لقطة‬          ‫الجملة‪ ،‬أو غير الموجودة مثل‬
                         ‫‪..‬‬        ‫شعرية وأخرى‪ ،‬ومن حيث‬              ‫«تفاصيل»‪ ،‬فهي جملة اسمية‬
                         ‫‪..‬‬       ‫الغموض الدلالي والوضوح‪.‬‬           ‫ناقصة وحدث شائع في الزمن‪،‬‬
                                  ‫أما عن التفاوت الأول‪ ،‬فنجد‬         ‫والإخبار عن التفاصيل يقدره‬
    ‫تشتد حولك رغبة في البوح‬                                         ‫القارئ أو المستمع الذي يعيش‬
‫وتشد وحدك ما تبقى من بقايا‬                 ‫«سؤال» سطرين‪:‬‬
                                     ‫«لماذا تترك البنت الجميلة‬
         ‫في مصافحة العيون‪.‬‬         ‫خصر صاحبها متى فتحت‬
      ‫تخون حزنك بعد كأس‪..‬‬
                                           ‫إشارات المرور؟»‪.‬‬
                   ‫تبتسم»‪..‬‬        ‫ونجد «عتاب» ثلاثة أسطر‪:‬‬
‫وتقع الثانية «قليل من الوجد»‬      ‫«أأنت الذي كنت يو ًما وحي ًدا‬

    ‫في الصفحات من ‪45 -42‬‬                           ‫كخيمة؟‬
                ‫وتبدأ بقوله‪:‬‬        ‫ألي ًفا كوجه حديث المراثي؟‬
                     ‫«أتيتك‬        ‫وبا ًبا يميز صوت الأحبة؟»‪.‬‬

        ‫لا أشتهي فيك ضعفي‬
     ‫فقد علمتني المثول العيون‬
    ‫وعرت سواحل حلم مشاع‬
      ‫فبانت تجاعيد قلب يكابر‬
   167   168   169   170   171   172   173   174   175   176   177