Page 149 - Pp
P. 149

‫حول العالم ‪1 4 7‬‬                      ‫يقترح ألدو ليوبولد‬         ‫والعمليّات ال ّطبيعيّة التي‬
                                           ‫ما س ّماه أخلاق‬      ‫تكفل الحفاظ على الحياة»‪.‬‬
  ‫ويت ّم النّظر فيها بمعزل عن‬                 ‫الأرض (‪land‬‬
  ‫بعضها البعض‪ .‬ولأّنها كما‬                                           ‫وإذا كان لعا ِل البيئة‬
  ‫يشرح بيرد كاليكوت تؤ ّكد‬            ‫‪ ،)ethic‬إ ّنه مفهوم‬     ‫الأمريك ّي تأثير كبير‪ ،‬فكيف‬
                                        ‫المجتمع الحيو ّي‪،‬‬
    ‫على التّرابط بين الكيانات‬                 ‫الذي يش ّكل‬          ‫نف ّسر أ ّن الأخلاق التي‬
     ‫وانتمائها المشترك‪ ،‬فإ ّن‬          ‫الإنسان جز ًءا منه‪،‬‬     ‫يقترحها لم توضع موضع‬
  ‫فكر ألدو ليوبولد لا يف ّضله‬             ‫بل يش ّكل قلبه‪.‬‬
 ‫الفلاسفة المتخ ّصصون‪ ،‬فهم‬             ‫إ ّنه أساس علاقتنا‬         ‫التّنفيذ؟ فهل نتّهم أنانيّة‬
  ‫«غير مستع ّدين لإدراك هذا‬              ‫مع الأنواع الح ّية‬  ‫الأمم أم نشكو –مع ماركس‪-‬‬
  ‫المنظور ال ّشمول ّي‪ ،‬ويميلون‬
       ‫إلى رفض هذه الحجج‬              ‫الأخرى‪ ،‬وهي علاقة‬        ‫من أ ّن الفلاسفة قد ف ّسروا‬
     ‫باعتبارها غير أخلاقيّة‪،‬‬               ‫عضو ّية مماثلة‬    ‫العا َل فقط‪ ،‬بيد أ ّنه كان يجب‬
‫وتقليصها إلى اعتبارات تتعل ّق‬             ‫لتلك التي تربط‬
  ‫برفاهيّة الإنسان أو رفاهيّة‬                                   ‫تغييره؟ التّفسير هنا ر ّبما‬
 ‫بعض الأنواع غير البشر ّية»‬              ‫الأجزاء المختلفة‬     ‫يكون قصي ًرا بعض ال ّشيء‪.‬‬
    ‫(ضمن وقائع ندوة ألدو‬               ‫من الجسم نفسه‪.‬‬        ‫ولكن الباحث الأمريك ّي‪ ،‬بيرد‬
   ‫ليوبولد‪ ،‬جامعة أوريغون‪،‬‬
  ‫‪ .)1998‬وباختصار‪ ،‬تعتبر‬                                        ‫كاليكوت‪ ،‬قد شرع تحديد‬
      ‫أخلاقيات ألدو ليوبولد‬                                     ‫الأسس الفلسفيّة لكتابات‬
   ‫البيئيّة أكثر جذر ّية م ّما قد‬                                ‫ألدو ليوبولد‪ ،‬مان ًحا‪ ،‬من‬
   ‫يعتقده المرء للوهلة الأولى‪،‬‬                                 ‫وجهة نظره‪ ،‬أسبا ًبا أخرى‪.‬‬
 ‫إ ّنها تك ّسر التّقاليد الفلسفيّة‬                             ‫ووف ًقا له‪ ،‬من خلال اعتبار‬
 ‫الغربيّة‪ ،‬وتق ّدم انعكا ًسا تا ًّما‬                         ‫أ ّنه من ال ّضرور ّي منح القيمة‬
                                                              ‫ليس لفصل العناصر‪ ،‬ولكن‬
                  ‫للمنظور‪.‬‬                                      ‫إلى الك ّل الذي تش ّكله‪ ،‬فإ ّن‬
      ‫لكن‪ ،‬أليس هذا فقط ما‬                                   ‫نهج ألدو ليوبولد‪ ،‬الذي يمكن‬
 ‫نحتاجه لمواجهة أزمة التّن ّوع‬                               ‫للمرء أن يعتبره مرك ًزا بيئيًّا‪،‬‬
   ‫البيولوج ّي‪ ،‬غير المسبوقة‪،‬‬                                ‫يتماشى وال ّدروس المستفادة‬
  ‫التي ته ّدد بتقويض قدراتنا‬                                      ‫من ِعلم البيئة‪ ،‬ولكنّه في‬
    ‫على العيش فوق الأرض؟‬                                        ‫الوقت نفسه يتعارض مع‬
      ‫وبينما ُبنيت حضارتنا‬                                        ‫النّهج الأخلاق ّي ال ّسائد‪،‬‬
 ‫الغربية على فكرة أ ّننا نمتلك‬                                 ‫والمؤ ّهل لأن يكون متمرك ًزا‬
    ‫ال ّطبيعة‪ ،‬فإ ّن هذا المنظور‬                             ‫حول الإنسان‪ ،‬والذي يعترف‬
    ‫الجديد يدفعنا إلى التّفكير‬                                   ‫بالكرامة الحقيقية للبشر‬
  ‫في أ ّن ك ّل إنسان ينتمي إلى‬                                 ‫فقط‪ ،‬ويترك ك ّل شيء آخر‬
    ‫بيئة معيشيّة‪ ،‬هو في قلب‬
 ‫هذه ال ّطبيعة‪ .‬إ ّنه يدعونا إلى‬                                  ‫خارج المحيط ( ُينظر إلى‬
    ‫أن نسكن الكوكب بشكل‬                                      ‫ال ّطبيعة على أ ّنها مجموعة من‬
  ‫مختلف‪ ،‬وأن نتفاعل بشكل‬
    ‫مختلف أي ًضا مع الأنواع‬                                    ‫الموارد الواجب استغلالها)‪.‬‬
                                                              ‫كما أ ّنه يختلف عن المركز ّية‬
               ‫الأخرى ك ّلها‬
                                                                  ‫الحيو ّية المرتبطة بالتّيّار‬
                                                              ‫الحديث لبيئة عميقة [‪deep‬‬
                                                                ‫‪ ،]ecology‬التي تص ّر على‬
                                                             ‫القيمة المح ّددة لك ّل كيان ح ّي‪،‬‬
   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153   154