Page 153 - Pp
P. 153

‫حول العالم ‪1 5 1‬‬

‫ُيوري ِتي ْن َيا ُنوف‬         ‫ألكسندر غريبويدوف‬              ‫مجتمع [بطرسبورغ]‪ ،‬وفي‬
                                                             ‫نقد أفراده‪ ،‬فإنه كان بعي ًدا‬
   ‫بسيط‪ ،‬فر رفقة مائة من‬         ‫غارقين في اليأس والحب‪.‬‬
 ‫أصدقائه‪ ،‬وجعل منه الشاه‬       ‫كذلك‪ ،‬لم يكن حفل استقبال‬         ‫عن الارتباط الفعلي به‪.‬‬
                              ‫الشاه بمغاير لحفل استقبال‬    ‫كذلك‪ ،‬قوبل مشروعه لإعادة‬
   ‫قائ ًدا لحرسه الشخصي‪.‬‬
  ‫عندما يكون [«سامسون»]‬          ‫القيصر‪ .‬وهكذا‪ ،‬يستشعر‬          ‫تأهيل جورجيا برفض‬
  ‫حزينًا ويشعر بالحنين إلى‬       ‫القارئ بقوة عمق المقارنة‬     ‫«نيسلرود»‪ .‬ورغم نفوره‬
‫روسيا‪ ،‬فهو ينعزل ويرتمي‬         ‫التي ألح عليها الكاتب بين‬      ‫من العودة إلى «طهران»‬
  ‫في أحضان الفودكا‪ ،‬بينما‬     ‫روسيا كما كانت سنة ‪1827‬‬      ‫وعدم ارتياحه مما قد يقع له‬
                                  ‫والإمبراطورية الفارسية‬    ‫هناك‪ ،‬فقد تم تعيينه وزي ًرا‬
      ‫ينشغل رجاله بالغناء؛‬                                     ‫بطهران‪ ،‬فما كان منه إلا‬
‫«فعندما ينخرطون في الغناء‬            ‫البربرية والمتدهورة‪.‬‬   ‫أن شد الرحال نحو منصبه‬
                                  ‫في هذا القسم الأخير من‬      ‫الجديد‪ .‬قبل أن يصل إلى‬
    ‫يحسبون أنهم في بلدهم‬          ‫الرواية‪ ،‬نتعرف على عدة‬
   ‫روسيا»‪ .‬وعندما غادروا‬      ‫شخصيات فارسية‪ ،‬عسكرية‬             ‫وجهته‪ ،‬توقف قلي ًل في‬
‫أراضي وطنهم‪ ،‬حملوا معهم‬            ‫أو مخصية‪ ،‬من أصول‬          ‫منطقة القوقاز‪ ،‬حيث عقد‬
   ‫بع ًضا من ترابه؛ غير أنه‬      ‫روسية‪ ،‬إما أنها اختطفت‬       ‫قرانه على الأميرة الشابة‬
‫«لا يمكن بحال أن نحمل في‬        ‫من قراها أو أنها فرت من‬     ‫«تشافتشافادزي»‪ .‬وها هو‬
   ‫مناديلنا غير أقل القليل»‪.‬‬     ‫العسكرية على خلفية د ْين‬  ‫الآن بطهران «وزي ًرا مختا ًرا»‬
    ‫لا يوجد فرق بين هؤلاء‬          ‫نتيجة القمار‪ ،‬أو هروبا‬  ‫(بالفارسية «وزير مفوض»)‬
‫الخونة‪ ،‬المتمردين‪ ،‬المنشقين‬        ‫من عقاب جسدي‪ .‬فهذا‬         ‫ببلاط الشاه‪ .‬والملاحظ أن‬
    ‫‪-‬مهما كان توصيفهم‪-‬‬          ‫«سامسون‪ -‬خان» ‪-‬اسمه‬
 ‫و»خونة» بطرسبورغ؛ ذلك‬                                          ‫اللوحات الوصفية التي‬
‫أن عد ًدا من «الديسمبريين»‬          ‫الأصل هو «سامسون‬          ‫ساقها الروائي في روايته‬
‫أصبحوا رجا َل شرطة‪ ،‬وثل ًة‬    ‫ياكوفليتش»‪ -‬مجرد قوقازي‬      ‫للشخصيات الهامة في البلاط‬
                                                            ‫الإمبراطوري‪ ،‬وللجنرالات‪،‬‬

                                                                ‫وللوزراء‪ ،‬وللمخصيين‬
                                                                ‫عظيمي التأثير‪ ،‬وأي ًضا‬
                                                                 ‫لما يجري داخل العالم‬
                                                            ‫الغامض للحريم‪ ،‬وللتعذيب‪،‬‬
                                                              ‫وللابتزاز‪ ،‬ولجميع أنواع‬
                                                               ‫الخيانات‪ ،‬كلها تتصادى‬
                                                             ‫والصفحات الأولى للرواية‬
                                                             ‫[التي خصصها كما أسلفنا‬
                                                                ‫للحياة في بطرسبورغ]؛‬
                                                                 ‫فلا فرق بين «مخنثي‬

                                                                  ‫بطرسبورغ المتأنقين‬
                                                           ‫والمتكبرين» والقيصر ناقص‬

                                                               ‫الرجولة‪ ،‬وبين مخصيي‬
                                                                ‫الفرس الحقيقيين الذين‬
                                                           ‫حرموا من رجولتهم و ُح ِّولوا‬
                                                           ‫إلى نساء‪ ،‬عاجزين [جنسيًّا]‪،‬‬
   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157   158