Page 62 - Pp
P. 62

‫العـدد ‪35‬‬                            ‫‪60‬‬

                                                                ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

‫خالد اليماني‬

‫(اليمن)‬

‫السقوط الحر‪ :‬زكي وغاتول‬

 ‫الهرب‪ ،‬ولكن لقيادة سيارة الأسرة بطلب من أخيه‬                 ‫حتى يومنا هذا لم تنت ِه الروايات في مجالس‬
  ‫الأكبر زكريا‪ ،‬لنقل أخيه نصير إلى المطار‪ ،‬بعد أن‬          ‫الأهالي منذ يوم الأحد ‪ ١٥‬أغسطس ‪ ،٢٠٢١‬حول‬
                                                          ‫من تهاووا من طائرة النقل التابعة للقوات الجوية‬
‫انتشرت إشاعات فور دخول عناصر طالبان المدينة‬               ‫الأمريكية من طراز‪ 17-C‬غلوبماستر ‪ ٣‬في مطار‬
   ‫من منطقة «سراي شمالي» بقيادة ح َّقاني‪ ،‬الاسم‬
     ‫الذي طالما أرعب المدينة خلال السنوات القليلة‬            ‫حميد كرازاي الدولي ساب ًقا‪ ،‬في كابول‪ ،‬مع بدء‬
     ‫الماضية‪ .‬الإشاعة روجت بأن القوات الأمريكية‬         ‫الإجلاء الفوضوي للقوات الأمريكية من أفغانستان‪.‬‬
  ‫وقوات التحالف المنسحبة من كابول تقوم بإجلاء‬
  ‫كل الأفغان ممن يحملون جوازات سفر ويرغبون‬                 ‫فهناك روايات كثيرة عن العشرات الذين سقطوا‬
                                                         ‫بعد إقلاع الطائرة‪ .‬شهود عيان تحدثوا عن سقوط‬
 ‫في المغادرة‪ .‬كان نصير هو العضو الوحيد في عائلة‬           ‫اثنين ممن تشبثوا بعجلات الطائرة‪ ،‬وتحدي ًدا عند‬
  ‫غلام غوز أنوري الطاجيكية متوسطة الحال الذي‬            ‫لوحة معدات الهبوط التي تغلق بعد سحب الإطارات‬
 ‫يحمل جواز سفر‪ ،‬وقد سبق له أن تغ َّرب وعمل في‬            ‫بعدما تحلق الطائرة لألف قدم فوق سطح الأرض‪.‬‬
 ‫دول الخليج بعد نيله شهادة الثانوية العامة‪ ،‬وعاد‬         ‫آخرون قالوا إن العشرات تساقطوا حينما ارتفعت‬
‫مؤخ ًرا بتحويشة العمر وفتح مح ًّل صغي ًرا لأجهزة‬         ‫الطائرة عن المدرج مباشرة‪ ،‬وآخرون يتحدثون عن‬

    ‫الجوال‪ ،‬واليوم يحمل جوازه ليغادر مرة أخرى‬              ‫انسحاب معظم المتشبثين لحيظات قبيل الإقلاع‪،‬‬
‫وهو لا يعلم إن كان سيعود إلى كابول أم هو الفراق‬            ‫حينما زادت سرعة الطائرة على المدرج وأصيبوا‬
                                                             ‫برضوض و كدمات و جروح مختلفة‪ .‬روايات‬
                                        ‫الأبدي‪.‬‬         ‫أخرى تحدثت عن أشلاء صبية وجدت فوق أسطح‬
‫لم يكن القلق يساور زكي حول ضرورة السفر‪ ،‬بل‬                 ‫بعض المنازل على مبعدة مئات الأمتار من أسوار‬
 ‫كان يعلِّق ج َّل آماله على إنهاء الثانوية العامة خلال‬   ‫المطار‪ .‬البعض تحدث عن أربعين شخ ًصا هلكوا في‬
                                                          ‫محاولة الهروب الكبير من كابول‪ ،‬فيما انسحق ‪٧‬‬
    ‫العام القادم‪ ،‬والحصول على منحة دراسية مثل‬           ‫أشخاص تحت أقدام ثلاثة آلاف احتشدوا في المكان‬
  ‫أخيه ذاكر الأقرب إليه سنًّا‪ ،‬الذي حصل لتوه على‬           ‫بسبب التدافع والحر الشديد‪ .‬لم يفلح منهم أحد‪.‬‬
‫منحة لدراسة العلوم السياسية في إحدى الجامعات‬            ‫وحدها جثة هامدة وصلت بعد أن تقطعت أوصالها‪،‬‬

                                        ‫التركية‪.‬‬              ‫إلى قاعدة العديد الجوية في الدوحة بعد ثلاث‬
       ‫كانت الإشاعات تتصاعد مع الزيادة العددية‬                                      ‫ساعات من الطيران‪.‬‬
   ‫الملحوظة لعناصر طالبان في المدينة‪ ،‬التي عاشت‬
   ‫خلال العشرين السنة الماضية حالة من الانفتاح‬            ‫وقد عرف الناس قصة الصبي اليافع زكي أنوري‬
 ‫غير المسبوق في تاريخ أفغانستان بعد حكم طالبان‬                  ‫ذي الـ‪ ١٧‬ربي ًعا‪ ،‬والذي كان ضمن منتخب‬
   ‫الأول‪ ،‬وما رافقه من رعب وترهيب‪ .‬فبعد تفشي‬
  ‫إشاعات الرحلات المجانية شاعت أخبار عن إجلاء‬            ‫أفغانستان لكرة القدم للشباب‪ ،‬ولعب بالفانلة رقم‬
‫كل سكان كابول وما عليهمم إلا الوصول إلى المطار‬            ‫(‪ ،)١٠‬والذي ذهب إلى المطار ولم يكن في حسبانه‬
   57   58   59   60   61   62   63   64   65   66   67