Page 64 - Pp
P. 64
العـدد 35 62
نوفمبر ٢٠٢1
أبيه بيهزاد الذي قاتل مع المجاهدين وعمل في بقيا في الجهة اليسرى الموازية .أقلعت الطائرة.
بيع الأفيون ،حتى أنه في يوم اختلف مع َمن عمل انهمرت دموعه متطايرة ،فيما كانت الريح تصفع
وجه ذلك الصبي اليافع .تملكه الرعب :ماذا تراه
لصالحهم فأبرحوه ضر ًبا حتى فقد ساقه ،ولم
يعش طوي ًل في مغامراته للبقاء على قيد الحياة، صنع بنفسه؟ تزداد عضلات يده تشن ًجا وهي
وترك ولده الوحيد الذي بدوره قرر الهجرة إلى تتشبث بالعمود المتصل بالإطار .رعب يعززه
كابول بحثًا عن حياة أفضل ،خصو ًصا بعد سقوط الغوص في المجهول ،فلا عودة عن هذا .تبتعد
حكم طالبان الأول .يقول غاتول إنه حينما تبتسم أرضية المدرج وعلى علو سبعمائة قدم تقريبًا سقط
له الدنيا ،فقد كان يعمل في مشاريع البناء ويحصل أحد جاريه المتشبثين بالإطارات الواقعة إلى يساره.
على ثمانين سنتًا من الدولار في كل يوم ،وحينما أغلق عينيه كي لا يتتبع الجسد في سقوطه الحر،
تعبس في وجهه كان يشتغل بتدوير القمامة .كان والذي فعلت به الجاذبية الأرضية فعلها .كانت بنية
كافي خيره شره ،مع أنه حينما ترك مدينة «لشكر الشخص الآخر الباقي أكثر ضآلة فتوارت عن نظر
كاه» عاصمة إقليم هلمند هر ًبا من ماضي أبيه،
وهي المدينة التي تنتج أكثر من ٪٦٠من تجارة زكي بين شقوق الإطارات إلى يساره.
الأفيون و الهيروين الأفغاني ،كان يهرب أي ًضا بعد تسعمائة قدم تقريبًا ضعفت قدرة زكي على
من ُغل خان ،أحد أقرباء القائد الطالباني المُ ّل المقاومة .كانت الرياح شديدة والضغط الجوي
ولي الرحمن الذي قتلته القوات الأفغانية في نهاية لا يحتمل ،أسلم زكي جناحيه للريح وحلق فوق
.٢٠١٧كان ُغل في سن غاتول ،يخشاه الجميع لأنه مدينته الحبيبة وهو يتطلع نحو جنوب المطار إلى
كان قات ًل بامتياز ،وحينما أراد التك ُّسب من تشغيل مدرسة الاستقلال أو الليسيه الثانوية الفرنسية
غاتول في بيع وتوزيع الأفيون هرب الأخير لأنه لم التي درس فيها مع أخيه ذاكر ،والتي كانت حك ًرا
على أبناء الطبقة الوسطى ،وتخرج منها طاجيكي
يرد تكرار قصة أبيه. آخر هو القائد أحمد شاه مسعود الذي هزم طالبان
ها هو غاتول يحث الخطى نحو المطار بعد أن
سمع ما سمعه كل سكان كابول حول السفر. الأولى.
متخف ًفا ،لا عفش ولا أهل ولا ذكريات إلا الشقاء، كان السقوط ح ًّرا ،لم تكن هناك أشلاء لجمعها،
وها هو يدخل مع الداخلين ،يتسلق السور إلى فقد تطايرت بقايا زكي وتوزعت على أحياء كابول
جانب زكي ويقاتل للحفاظ على موقعه بين شقوق الـ ،٢٢فكل من صعد سطح بيته في صبيحة يوم
الإطار الأيسر للطائرة العملاقة ،فقد ساعده حجمه
الضئيل وقوة بأسه على البقاء هناك .وحينما أقلعت الاثنين التالي وجد بع ًضا من زكي هناك!
الطائرة صرخ بأعلى صوته «فعلتها يا غاتول». كانت الأخبار قد أشارت إلى شخص آخر كان رفقة
كان يهرب من فقره ومن ُغل خان الذي اعتقد أنه
سيبحث عنه بعد عودة طالبان وسيقتله أمام الملأ. زكي في سقوطه الحر هو أحد سكان حي «كارته
غاتول فعلها فع ًل ،فقد كانت أشلاؤه هي الوحيدة نو» الفقير الواقع إلى الجنوب الشرقي من المطار،
التي وصلت قاعدة العديد العسكرية الأمريكية
في الدوحة .وحده حلق في السماء ،وحده صنع ولم تذكر الأخبار هوية الشخص الذي لم يكن
المستحيل .فقد لاحظ قائد الطائرة فور وصوله إلى شيئًا يذكر بالنسبة لوسائل الإعلام والناشطين
الدوحة أن بوابة الإطارات لم تفتح إلا بعد محاولات في وسائل التواصل الاجتماعي .لكن ُمع َدمي الحي
عدة .كانت أشلاء غاتول ستانيكزاي ملتحمة -وخاصة الباشتون الذين لجأوا إلى كابول واكتظت
بإصرار بالإطارات ،فقد وصلت مبتغاها .فعلها بهم الأحياء الفقيرة الجنوبية من المدينة -يعرفون
غاتول ستانيكزاي الشاب الثلاثيني الذي طالما خدم
غاتول ..وكفى. الجميع ولم يسأله أحد في يوم من الأيام هل لديه
ما يكفي قوت يومه؟
كان غاتول يقطن في غرفة طينية لا تبعد كثي ًرا
عن السوق ،ولم ُيعرف له زوجة أو أسرة ،ولكنه
في بعض جلساته الاجتماعية كان يتحدث عن