Page 119 - merit
P. 119

‫‪117‬‬                                                                       ‫«غزالة» جثَّة مس َّجاة بخرق ٍة هناك!‬

   ‫ساحة منزله المفتوحة على سماوات شاسعة وبدأ‬                            ‫مجرد طلقة‬
   ‫ِب َع ِّد وريقات شجرة الورد‪ ،‬وكأنه َي ِع ُّد أيام عمره‬
    ‫المتبقية‪ ..‬يا لهذا الطقس الغرائبي‪ ،‬اعتزل الناس‬         ‫حين رمت ك َّل شيء خلفها‪ ،‬لم تكن تدري أن حياتها‬
   ‫كاف ًة وغرق في َع ِّد أوراق الأشجار في منزله‪ ،‬قبل‬         ‫أمست على المح ِّك‪ ،‬فمن العار أن تخرج من الإطار‬
‫يومين بدأ الطقس مع شجرة التفاح وبعدها شجرة‬                    ‫الذي ُص ِّم َم لها سل ًفا‪ ،‬من العار أن تعي حقها في‬
    ‫المشمش! وحين انتهى من الأشجار جمي ًعا أعاد‬                 ‫حياة أخرى‪ ،‬مجبرة على الرضوخ حتى إن كان‬
                                                             ‫الثمن كرامتها‪ .‬لم تستوعب أن الغدر سوف يأتي‬
                                         ‫الك َّرة‪.‬‬                                         ‫من شقيق دمها‪:‬‬
    ‫ومع كل ورقة صفراء تسقط على الأرض كانت‬                                            ‫طلقة في القلب فحسب!‬

                     ‫روحه تهوي في وا ٍد سحي ٍق‪.‬‬                       ‫وريقات الشجر‬

             ‫نجوم حزينة‬                                       ‫جلس في الزاوية المعتادة التي اختارها مؤخ ًرا في‬

  ‫لعلعت أصوا ُت ال َّرصاص في سماء المدينة الغارقة‬
 ‫عتم ًة‪ ،‬تف َّجر الهل ُع في أوصال الناس فركض ك ٌّل إلى‬

    ‫بيته خو ًفا من رصاصة طائشة ربما تستهدفه‪.‬‬
     ‫كا َن «زانا» في الفناء الخلفي للدار يلاعب أخته‬
  ‫الصغيرة‪ ،‬حين سمع الأصوات هرو َل إلى ال َّشارع‬
    ‫لم يد ِر ُك ْن َه تلك الأصوات‪ ،‬نظر إلى السماء التي‬
‫أبهرته بالأضواء الغريبة فقفز فر ًحا وأراد الإمساك‬
‫بها‪ ،‬وإذ بواحد ٍة منها تغيِّر اتجاهها وتستقر في قلب‬
  ‫الصغير الذي لم ُي ْب ِد حرك ًة مغلِ ًقا عينيه على سماء‬

                           ‫مزدانة بنجوم حزينة!‬

           ‫رصاصة طائشة!‬

   ‫كان ج ُّل تفكيرها منصبًّا على ذلك الكائن الموجود‬
  ‫في رحمها الذي لا ينف ُّك يركل بدأ ٍب بطنها في مثل‬

     ‫هذه الأوقات‪ ،‬قد آن أوان رواية حكاية جديدة‪،‬‬
‫سارعت بإكمال عملها وجلست في ذلك ال ُّركن المط ِّل‬
‫على ال َّشارع وأغلقت عينيها وبدأت بمخاطبة جنينها‬

   ‫الذي أمسى هاد ًئا وكأنه يستع ُّد لسماع الحكاية‪،‬‬
‫وبينما هي تم ِّسد بطنها وتهم برواية القصة‪ ،‬جاءت‬
‫رصاصة طائشة من الخارج لتخترق جسدها الغض‬

   ‫الذي تك َّوم على نفسه‪ ،‬ظنًّا منه أنه بذلك سيحمي‬
    ‫الجنين‪ ،‬لكن ال َّرصاصة لم تكت ِف بجسد الأ ِّم بل‬
‫عبرته لتنال من الجنين المتش ِّوق لسماع صوت أمه‪.‬‬
 ‫إنَّه الإنسان الذي يصدر ك َّل هذا الضجيج والموت‪.‬‬
   114   115   116   117   118   119   120   121   122   123   124