Page 14 - merit
P. 14
القصصي متخيل؛ فإن القصة تظل لا خلاف أ َّن كل النصوص الإبداعية
ممهورة بالقصيدة كقيمة تعبيرية دلالية منذ هوميروس إلى اليوم هي عبارة
شكلية وموضوعية وبلا تنميط نحوي أو
عن خطابات لها حاضنتها ولها شكلي.
ومن المؤشرات البنائية على هذا الكون
القصصي المتخيل ما يأتي: مرجعياتها .ولا وجود لنص بكر
-أن ابن جودة ميت حاضر في القصيدة يؤسس خطابه ويأخذ قالبه وهو
بوصفه هو المرثي ،وهو نفسه الميت بلا مرجع أو حاضنة ،بيد أن الجديد
في القصة لكن بإضافة اسم خلف إليه
وبجعله شخصية ثانوية تساند شخصية في قصة (الإقامة على الأرض) هو أن
كريم كصنو أو توأم ،مان ًحا إياه التطور. المرجع والحاضن صارا واح ًدا هما عبارة
والقصة تبدأ والسارد العليم يسترجع
زمن قدوم كريم إلى برلين كما كان عن قاعدة هي قصيدة تفعيلة ،وبناء
ابن جودة قد أتى إليها قبله بعشرين بطبقات هو قصة قصيرة كاشفت
عا ًما مستبطنًا دواخله «منذ حطت به القارئ منذ افتتاحها مؤكدة أن
الطائرة ،في ثمانينيات القرن العشرين،
في مطار برلين؛ حط داخله وحل في حاضنتها قصيدة شعرية.
ذهنه (خلف بن جودة) الذي حط في
ذات المطار في ستينيات القرن ذاته،
وانبثقت في وجدانه أبيات شاعره
الراثي ،بمقبرة خلف برلين يرقد ولا خلاف أ َّن كل النصوص الإبداعية منذ
طفل من النخل قيل استراح ابن جودة (هل هوميروس إلى اليوم هي عبارة عن خطابات لها
سأستريح كما استراح في قبره البرليني؟)». حاضنتها ولها مرجعياتها .ولا وجود لنص بكر
يؤسس خطابه ويأخذ قالبه وهو بلا مرجع أو
-علاقة الشاعر بابن جودة علاقة صداقة
بينما علاقة كريم بالشخصيتين (ندى ورشيد) حاضنة ،بيد أن الجديد في قصة (الإقامة على
الأرض) هو أن المرجع والحاضن صارا واح ًدا
والشخصية الغائبة (الشاعر) هي علاقة أكثر هما عبارة عن قاعدة هي قصيدة تفعيلة ،وبناء
تعقي ًدا .إنها علاقة حب ومصير ووطن ،وهو ما بطبقات هو قصة قصيرة كاشفت القارئ منذ
يتوضح في توبيخ زوجة كريم الألمانية «كانت افتتاحها مؤكدة أن حاضنتها قصيدة شعرية.
وهذا ما يجعلها بالضبط خطا ًبا عاب ًرا للخطاب
الألمانية توبخه ،وتعيره ،لا ببطالته بل ( )transdiscursiveكما يقول ميشيل فوكو.
بالاشتراكية التي أفنى حياته من أجلها والتي
انهارت بلمح البصر ،كانت تقول ذلك بسعادة ومن الممكنات التمثيلية أي ًضا ما في القصة من
بل ومناكدة ،تذكره أنه من بلد نفطي ،بلد رخاء، علاقا ٍت منها تشكل كونها القصصي المتخيل
فلماذا اختار الشقاء وهجره». زمكانيًّا ،وفيها السارد يمارس دوره في توجيه
-ابن جودة في القصيدة فلاح سمع الشاعر بموته الشخصيات ورسم منعطفات واقعها ،واض ًعا
العقبات التي بها يتعرج مسار السرد فيتعقد الحبك
وهو في موسكو فرثاه مستذك ًرا قريته الجنوبية
محاو ًل «الإمساك بالوجه الطفولي الذي كانه»()4
لكن ابن جودة في القصة صنو غريب وأبدي يذ ِّكر
كريم بإخفاقاته بد ًءا من هجرته ثم اعتماده على وتتأزم الأحداث وتصبح الشخصيات أكثر توت ًرا
راتب زوجته التقاعدي الضئيل إلى حلمه أن يكون أمام ضغوط الواقع .وعلى الرغم من أن هذا الكون