Page 173 - merit
P. 173

‫‪171‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫وليس كما يدعي الفرس‪.‬‬         ‫للشك بالمفاهيم المتوارثة‪،‬‬      ‫الميدية ولا ندري السبب‬
        ‫إن نزعات الفرس‬         ‫وبالتالي محاولة تصويب‬             ‫الواضح وراء تسمية‬
                             ‫الخطأ فيه لما لها من أهمية‪،‬‬
      ‫التوسعية في الخارج‬                                      ‫الحروب التي جرت بين‬
     ‫أسهمت في تكوين هذا‬         ‫فهي تمس حاضر كثير‬          ‫الفرس والإغريق بالحروب‬
 ‫المفهوم الخاطئ‪ ،‬فالأطماع‬       ‫من الشعوب في المنطقة‪،‬‬
                                                              ‫الميدية‪ -‬الإغريقية‪ ،‬وذلك‬
       ‫والحروب التوسعية‬           ‫والمعلومات التاريخية‬       ‫إذا علمنا أن هذه الحروب‬
      ‫التي خاضها الفرس‬           ‫تلعب دو ًرا أساسيًّا في‬
   ‫جعلتهم أكثر شهرة من‬         ‫تصوير حاضر الشعوب‬                  ‫جرت في زمن الدولة‬
       ‫غيرهم من الشعوب‬                                       ‫الإخمينية‪ ،‬وليس في زمن‬
     ‫الآرية‪ ،‬تاريخيًّا جرى‬                  ‫ومستقبلها‪.‬‬      ‫الدولة الميدية‪ ،‬ربما السبب‬
  ‫تسليط الضوء على الدولة‬      ‫عمد المنتصر عبر العصور‬       ‫كان هو خلط المؤرخين أثناء‬
    ‫الإخمينية والساسانية‬
    ‫بسبب المراحل المتأخرة‬         ‫ومنذ بدء التدوين إلى‬           ‫تاريخ فترة الحروب‪.‬‬
  ‫التي ظهرت فيها بالنسبة‬         ‫استعمال التاريخ كأحد‬
  ‫إلى عموم التاريخ الآري‪،‬‬       ‫الأسلحة ضد الخصوم‪،‬‬                ‫الخاتمة‬
‫وإلى حروب السيطرة التي‬            ‫فكان التهميش وإنكار‬
 ‫خاضتها الدولة الإخمينية‬      ‫الوجود أسلحة فتاكة أتت‬       ‫كان لا بد من سرد التاريخ‬
     ‫ضد الإغريق وحروب‬          ‫أكلها دائ ًما‪ ،‬ويمكن القول‬        ‫سري ًعا بهدف تشكيل‬
      ‫الساسانية مع الروم‬       ‫إن أغلب مؤلفات التاريخ‬
                              ‫لم يكن الهدف منها تاريخ‬       ‫صورة بانورامية تاريخية‪،‬‬
                  ‫والعرب‪.‬‬       ‫حقبة زمنية معينة فقط‪،‬‬       ‫ورغم علمنا أن تناول هكذا‬
        ‫استفاد الفرس من‬         ‫إنما كانت أي ًضا بغرض‬      ‫مواضيع تحتاج إلى مساحة‬
 ‫الموروث الآري في تشكيل‬       ‫تهميش الخصوم والدفاع‬
    ‫دولتهم الحديثة إيران‪،‬‬     ‫للذين حملوا كما يعتقدون‬        ‫أكبر لسرد تفاصيلها‪ ،‬إلا‬
  ‫كما أن تقسيم كردستان‬          ‫واجب حماية المقدسات‪.‬‬        ‫أنها كانت محاولة لإيصال‬
 ‫وبلوجستان جعل المعادلة‬       ‫التهميش الممنهج والمركب‬
 ‫القديمة غير قابلة للتطبيق‬                                    ‫الحقائق بأقل عناء ممكن‬
 ‫في تناول شعوب آريا على‬            ‫الذي عانى منه الكرد‬         ‫من البحث والتدقيق في‬
‫إنشاء دول وجعلت سيطرة‬          ‫طيلة تاريخهم له أسباب‬           ‫كتب ومجلدات التاريخ‪.‬‬
‫العنصر الفارسي على آريا‬
    ‫شب ًحا حتميًّا غير قابل‬           ‫واضحة‪ ،‬فلم تكن‬         ‫كما أنه لا توجد دراسات‬
‫للتغير‪ ،‬خصو ًصا إذا علمنا‬    ‫السلطات الحاكمة في بنيتها‬     ‫تاريخية مقارنة‪ ،‬إنما أغلبها‬
 ‫أن الأقليات في آريا تتركز‬
  ‫في المناطق الحدودية‪ ،‬ولا‬    ‫وأيديولوجيتها قادرة على‬         ‫عبارة عن سرد تاريخي‬
  ‫نعرف هل كانت خطورة‬          ‫تقبل الآخر أب ًدا‪ ،‬لذلك كان‬      ‫متشابه لا يقدم جدي ًدا‪،‬‬
  ‫توحد الشعوب الآرية في‬        ‫الإنكار والوجود الطارئ‬         ‫لسنا بصدد إعادة كتابة‬
  ‫حساب الدول التي قامت‬       ‫أفضل وسيلة لتحقيق هذه‬             ‫التاريخ أو السعي وراء‬
 ‫بتقسيم المنطقة ولو كانت‬                                        ‫اكتشافات أركيولوجية‬
      ‫هذه الوحدة بسيطرة‬           ‫الغاية‪ ،‬ويكفي أن نقرأ‬
                                ‫مناهج التدريس في تلك‬             ‫جديدة‪ ،‬يكفي تسليط‬
           ‫عنصر على آخر‬        ‫الدول حتى نعرف درجة‬             ‫الضوء على الموجود من‬
                               ‫الإنكار الهائلة‪ .‬لقد أثبتت‬  ‫الحقائق في مؤلفات التاريخ‬
                             ‫القراءة المقارنة لتاريخ آريا‬     ‫بطريقة المقارنة‪ ،‬فتتضح‬
                             ‫أن الشعوب الآرية جميعها‬          ‫حقائق كثيرة غائبة‪ ،‬ولا‬
                                ‫شريكة بالموروث الآري‬       ‫شك أن إعادة قراءة التاريخ‬
                                                           ‫بشكل هادئ وحيادي يقود‬
                                                            ‫إلى التساؤل‪ ،‬ويفتح المجال‬
   168   169   170   171   172   173   174   175   176   177   178