Page 176 - merit
P. 176

‫العـدد ‪44‬‬                         ‫‪174‬‬

                                ‫أغسطس ‪٢٠٢2‬‬                       ‫الأوروبيين والأمريكيين‪،‬‬
                                                                     ‫والسلاف‪ ،‬والأرمن‪،‬‬
‫سهول جنوبي بلاد الرافدين‪،‬‬       ‫آسيا‪ .‬بينما توجه فريق ثالث‬
 ‫وهي متاخمة شر ًقا لسفوح‬             ‫شما ًل وغر ًبا نحو غرب‬    ‫والفرس‪ ،‬والكرد‪ ،‬وآخرين‪.‬‬
 ‫جبال زاغروس‪ ،‬المكان الذي‬          ‫وشرق القارة الأوروبية‪.‬‬     ‫وذكر جيمس هنري برستد‬
  ‫يستقطب الشعوب الجبلية‪،‬‬            ‫وكان الآريون في الغالب‬    ‫أن مصطلح (الآريين) يطلق‬
     ‫وكان السومريون أقدم‬            ‫يستقرون في التضاريس‬
     ‫شعب جبلي الأصل ترك‬                                            ‫على الفرع الشرقي من‬
    ‫أث ًرا في معالم غرب آسيا‪،‬‬     ‫الجبلية أو على السفوح‪ ،‬أو‬    ‫الشعوب الهندو‪ -‬أوروبية‪،‬‬
      ‫وقد انحدروا من جبال‬        ‫في أراض منخفضة متاخمة‬        ‫وهم الأرمن والميد (أسلاف‬
   ‫زاغروس في الشمال بحثًا‬          ‫للمرتفعات‪ ،‬وكانت تحظى‬      ‫الكرد)‪ ،‬والبلوش والباشتو‪،‬‬
‫عن الغذاء والماء‪ ،‬واستوطنوا‬        ‫بالري والزراعة والمراعي‪،‬‬
   ‫بلاد الرافدين حيث التربة‬      ‫واعتمدوا في طرق معيشتهم‬          ‫وغيرهم ممن استقر في‬
     ‫الخصبة والمياه الوافرة‪،‬‬      ‫على تربية المواشي وزراعة‬      ‫أفغانستان وشمالي الهند‪.‬‬
  ‫وكان ذلك عام ‪ 3000‬قبل‬                                      ‫أما الأوروبيون والأمريكيون‬
‫الميلاد‪ .‬ويتفق أكثر المؤرخين‬         ‫الحبوب والتدجين‪ ،‬وقد‬       ‫فهم من الفرع الغربي‪ ،‬أي‬
   ‫على أن السومريين ليسوا‬             ‫اتفق المؤرخون على أن‬     ‫أن الآريين هم أبناء عمومة‬
                                ‫مواطن الآريين القدماء كانت‬   ‫الأوروبيين وليسوا أجدادهم‪.‬‬
‫ساميين قط ًعا‪ ،‬والأرجح أنهم‬       ‫بلا ًدا ذات تضاريس جبلية‬
 ‫آريون‪ ،‬وقد تكون لهم صلة‬          ‫ومتشبعة بالأنهار‪ ،‬وطقس‬           ‫وكلمة (آري) في اللغة‬
 ‫إثنية بالكرد نظ ًرا لانتمائهم‬  ‫معتدل‪ ،‬وتوافر نباتي جميل‪.‬‬     ‫السنسكريتية تعني (النبلاء‬
  ‫الآري المشترك‪ ،‬وتواجدهم‬       ‫وقد ف َّصل «ول ديورانت» في‬
  ‫في بقعة جغرافية مشتركة‪.‬‬         ‫الحديث عن الآريين بشكل‬         ‫والأشراف) ويفيد معظم‬
  ‫ولما بين اللغتين السومرية‬     ‫عام أنهم كانوا‪ :‬ذوي أجسام‬      ‫المؤرخين أن مهد الشعوب‬
‫والكردية من تشابه في بعض‬        ‫قوية‪ ،‬وشهية عارمة للطعام‪،‬‬       ‫الآرية (الهندو‪ -‬أوروبية)‬
                                 ‫وشجاعة فائقة في الحروب‪،‬‬     ‫كان يقع في أوراسيا (مناطق‬
          ‫المفردات والصيغ‪.‬‬       ‫وكانوا من الأخلاق البدائية‬  ‫التقاء قارتي آسيا وأوروبا)‪.‬‬
    ‫وفي مراحل متعاقبة جاء‬        ‫على درجة عالية ما يجعلهم‬    ‫وتحدي ًدا شرقي بحر قزوين‪.‬‬
‫ذكر الكرد‪ ،‬حيث تحولت تلك‬        ‫بعيدين كل البعد عن الخديعة‬
   ‫البقعة الجغرافية لساحات‬                                       ‫وذكر «ول ديورانت» أن‬
 ‫حرب‪ ،‬وقد ذكر اسم ميتاني‬                           ‫والنفاق‪.‬‬     ‫(زند أفستا)‪ ،‬وهو الكتاب‬
                                 ‫وفي العهد الزراعي أصبحت‬        ‫الزارادشتي المقدس‪ ،‬يأتي‬
                                                             ‫على ذكر هذا الموطن «ويصفه‬
                                                             ‫بأنه جنة من جنان الأرض»‪.‬‬

                                                                  ‫إلا أن ذلك المكان أصبح‬
                                                                ‫بعد ذلك يعانى من أزمات‬
                                                              ‫مناخية حادة‪ ،‬ولم يعد يتيح‬
                                                             ‫السبل الملائمة للعيش والبقاء‬
                                                               ‫لسكانه‪ ،‬مما جعل الانتقال‬
                                                                ‫إلى مكان أفضل أم ًرا لا بد‬
                                                                ‫منه‪ ،‬وكان ذلك في الألفية‬
                                                                ‫الثالثة قبل الميلاد‪ ،‬فتوجه‬
                                                                ‫بعض الآريين جنو ًبا نحو‬
                                                               ‫شمالي شبه القارة الهندية‪،‬‬
                                                               ‫وتوجه آخرون نحو غربي‬
   171   172   173   174   175   176   177   178   179   180   181