Page 245 - merit
P. 245
243 ثقافات وفنون
تراث
على سبيل الختام امين معلوف وتأسي ًسا على هذه الممارسات التي
تمس بل وتضرب في عمق القيمة
إن المتأمل لفكرة إقرار اتفاقية إشعا ًعا محليًّا ودوليًّا ،ونخص
التراث العالمي الدولية يلاحظ أنها بالذكر هنا وسائل الإعلام السمعي والعراقة التي يزخر بها ميراث
الماضي ،أقرت اليونسكو في غمرة
مؤطرة بنظرة شمولية لإعطاء والبصري والرقمي أي ًضا ،لذلك
ملامح متميزة لكل أمة ،ولتبيان وجب التعامل مع كل هذه الوسائط هذه الأنباء بإبرام اتفاقية دولية
تروم إلزام المجتمع الدولي على
الوجه الحقيقي لحضارة تلك والمعطيات بوعي خاص وآلية حماية وصون المواقع والممتلكات
الأمة ،ومن جهة أخرى فالتراث ملائمة ،في سبيل الحفاظ على هذا الأثرية والثقافية ذات الخاصية
الموروث وحمايته من العبث .إذ لا الاستثنائية العالمية ،وهو ما أجمعت
هو اللبنة الأساسية في فهم جدال أن هذا التراث زاخ ٌر بالتنوع عليه 190دولة نوهت بهذا القرار
العقليات والمجتمعات ،كما أنه والغنى ،وذلك راجع لتعدد روافده الدولي الحكيم ،وانضمت إلى هذه
يساعد في فهم واستيعاب مختلف بفعل امتزاج الجماعات الإنسانية. الاتفاقية حتى تصبح جز ًءا لا
السلوكات والعادات ،انطلا ًقا يتجزأ من مجتمع دولي تنبع قواه
من الانفتاح عن الآخر والبحث وجدير بالذكر أن التراث بكل من دائرة سديدة الرأي ،وتملك
عن طرق وأنماط عيشه ،لخلق أشكاله وأنماطه ،يلعب دور هد ًفا واح ًدا مشتر ًكا ،يتجلى في
وتثمين حوار بين مختلف الثقافات تحديد أهم مواقع التراث العالمي،
والحضارات ،كشكل من أشكال النسيج المفصلي في إرساء الهوية الطبيعي والثقافي ،في مختلف بقاع
المد المعرفي والسياحي ،هذا الأخير الجماعية للأفراد والجماعات ،كما المعمور للمحافظة عليه من التلف
الذي ينتعش من خلال تجارب يعمل على تحريك المسيرة التنموية
سوسيوثقافية تتقعد بمعايشته للأمم والشعوب من خلال رمزيته والاندثار.
والتعرف عن قرب على منجزه وفي حقيقة الأمر يمكن اعتبار فكرة
البنائي والجمالي النادر والفريد، وعلاماتيته ،هذا وتكمن أهميته
وذلك في فضاء وزمان مغايرين في تصوراته الذهنية وتجلياته الانضمام لهذه الدائرة الدولية
لعالم استبعاثه وتكوينه الأصلي. السوسيولوجية والثقافية التي فكرة في حد ذاتها تمنح تقدي ًرا ليس
ويمثل هذا المنحنى لتوظيف التراث انتقلت من جيل لآخر ،بحيث يهم فقط للموروثات بل تقدي ًرا لحضارة
كمنفعة عامة ،شك ًل من أشكال هذا النقل لميراث الماضي الأقليات
التدبير الاقتصادي السياحي، مثلما يهم الكتل الاجتماعية الكبيرة، الدولة وما تتمتع به من تراث،
نظ ًرا لأهمية التراث في استقطاب ويهم البلدان النامية مثلما يهم ناهيك عن الحماية الدولية التي
السياح وضمان سيرورة نمو يصبح ذلك التراث مشمو ًل بها،
التلاقح بين الشعوب ،نم ًوا يسعى البلدان المتقدمة. لأنه أضحى ترا ًثا ذا أهمية تتجاوز
لترسيخ آثار الموروتاث من الناحية الحدود الوطنية ،ومسؤولية إدارته
السوسيوثقافية ،التعريف بالهوية تتعدى دلالاته الوطنية حتى لو
الحضارية والعمق التاريخي بقيت المسؤولية الأساسية عنه تقع
والمعرفي للذات والفضاء ،والالتحام على عاتق الدولة التي يوجد داخل
بالمكتسب ،وهذا يقتضي اعتبار
التراث ثقافة ومعطى حضاري ترابها.
وتاريخي وفني يتجاوز الفرد وفي هذا السياق يعتبر التراث
ليتجذر في عمق روح الجماعة العالمي ترا ًثا غير جامد لأنه يتأثر
الإنسانية ومعالم نموها وتطورها بمحيطه المباشر وغير المباشر ،أي
المحلي والدولي بمختلف أشكال
وتمظهرات هذا المحيط ،وعبر
مختلف الوسائط البصرية التي
تساهم في التعريف به ومنحه