Page 102 - merit agust 2022
P. 102
العـدد 44 100
أغسطس ٢٠٢2
خيرية شوانو
(كردستان العراق)
ثرثرة بطعم الكرز
فلمحت ابتسامة على شفتيه الصغيرتين .حينها «أن تهيم ،هذا اختيا ٌر بالغ الروعة»
وفي لحظة خاطفة أدركت سبب جنوني غير المبرر. كلاريسا بنكولا
يملك الضائع نفس الملامح الثابتة والتائهة ،الذكية
خرج ُت ذلك الصباح مبكرة .كن ُت أفكر في سب ٍب
والبريئة لرجل كن ُت أحبه ..بل وكأنه هو. مقنع لخروجي حين رأيته يعبر الشارع .من مشيته
أبعدت جسدي عنه وكأنني أخاف عليه من ذاكرتي.
الهادئة أدركت أنه مثلي لا يخطو صوب وجهة
ما الذي أفعله؟ معينة وبأنه هائم .اتجه ُت نحوه ،لمس ٌة خفيف ٌة
قلتها في نفسي وأنا أحاول إخفاء ما يحدث معي على كتفه ويلتف ُت إل َّى ،ولكنه كان مرتب ًكا فلم تثره
كي لا تدركني المرأة الجالسة أمامي .الطريق طوي ٌل لمستي .التف َت بعد لحظات ،نظر ُت إليه مبهوتة،
وممل وها هو الآن يصبح مرعبًا .هل سأعيش مع فوقف أمامي دون حراك .أمسك ُت يده ،ثم تيقنت
جنوني وهذا الصراع لساعات طويلة؟ ثم لا أحد من أنه طفل ضائع .فجأة وجدتني أتجه نحو
يعرف ما الذي ينتظره في نقاط التفتيش .ماذا لو موقف الباص دون أن أعرف وجهتي .جاء معي من
سألوني :من هذا؟ ما الذي سأخبرهم؟ ماذا لو نطق دون أدنى اعتراض ،وكأننا على اتفاق مسبق .دفع ُت
ثمن التذكرتين وجلسنا .سرعان ما أصبح الباص
الصغير وأخبرهم بكل شىء؟ مكت ًّظا بالراكبين .على المقعد الذي أمامي جلست
تعب الطفل الذي خطفته وبدا عليه النعاس .أخذته ريفية أربعينية مع صبية صغيرة .أمسك ُت يد طفلي
فجأة وكأنني أخاف عليه من الخطف .نظرت إل َّي
في حظني فاقترب مني كصغير يحتمي بجناحي
أمه ،ما الذي يحدث معنا أنا وهذا الصغير؟ من المرأة قائلة:
التائه منَّا ،هذا الصغير أم أنا التي لا تجد تفسي ًرا « -ابنك؟»
لما يحدث؟ كان الأمر مرب ًكا فلا أنا أستطيع العودة فأومت برأسي موافقة ،ك ُل هذا والطفل صامت.
لرشدي لأفعل ما يتوجب عليَّ فعله ولا هو يثور لما دخل بائع الشطائر ،سأل ُت طفلي إن كان جائ ًعا ،من
إغماضة عينيه أدركت بأنه يحتاج واحدة فأخذت
يحدث معه فينطق. اثنتين ،واحدة له وأخرى لي .بدأ الصغير يأكل
سرح ُت بذاكرتي بعي ًدا ،وتذكرت تلك الليلة شطيرته بهدوء دون أن يوسخ ملابسه أو يأتي
بفعل ٍة تحرجني ،حين انتهى نظر إلى يديه .أخرج ُت
المشؤومة.. من حقيبتي مندي ًل ،مسح ُت يديه وأعد ُت المنديل
كانت ليلة عاصفة حين فتح ُت له الباب .شعر ُت إلى حقيبتي .ع َّدل هو من جلسته ليستغرق في تأمل
بوخزة في قلبي وكأن شيئًا سيِّئًا سيحدث لنا .كان البيوت التي كانت على طرفي الطريق .تأملته طوي ًل
وجهه قات ًما كالليل ،طلب مني الخروج .لم أسأله
إلى أين بل أخذ ُت معطفي ومظلتي وسرت معه في
ممرات الحارة ثم انهمر المطر .شيئًا فشيئًا أصبحت