Page 109 - merit agust 2022
P. 109
107 الإبداع الكردي
قصــة
همست الفتاة :لست قادرة على العودة. رد الحارس بإيماءة من رأسه نحو عسكريين
فهمس ريزان بدوره وهو ينظر للبعيد :ولا أنا. آخرين كانا يلصقان منشو ًرا على بوابة غرفة قطع
فرد السائق المنديل بين يديه ،وألقاه على مقدمة
السيارة ،وقال دون أن ينظر نحوهم :ماذا قررتم التذاكر.
وحينما قرأ الاستغراب على محيا ريزان ،أضاف
أخي؟ الحارس بلا مبالاة :قرار الحظر ..بسبب كورونا.
جازف ريزان بالرد :هل من طريقة ما لتجاوز تراجع وهو يبتلع ريقه ..يا إلهي أي فخ أوقعت
نفسي فيه؟! ارتمى على المقعد الخشبي بتثاقل،
الحدود؟
التفت السائق ،وتأكد من عدم وجود أحد بالقرب وقلق ظاهر ،وعيناه ساكنتان كأنها بلا رؤية.
في الطرف الآخر كانت فتاة سمراء رشيقة الجسد
منهم :نعم ،ولكن يكلفكم مبل ًغا من المال. تجلس قبالته ،ولا تقل عنه قل ًقا ،فهي منذ الصباح
وقبل أن يتكلم ريزان ،قالت الفتاة :اتفقنا ،وهي تمد تقضم أظافرها بحركة غريبة ،وأحيا ًنا تجري مكالمة
هاتفية ،دون أن تخفي ابتسامة العشق عن محياها..
يدها لحقيبتها الصغيرة ،وأضافت كم المبلغ؟ قامت من مكانها ،واقتربت منه ،وبادرته السؤال:
قال السائق وهو ينظر لريزان :ثمانمئة دولار..
وأضاف موض ًحا عن كل شخص أربعمئة دولار. ماذا قال الحارس:
ظل ريزان صامتًا وهو يعاين الفتاة تفتح طرف وهو يعاين التوتر البادي في نبرة صوتها ..رد
حقيبتها وتبين المال للسائق. ريزان بعجالة :الحارس يقول.. :
مط السائق شفتيه ،وفتح باب السيارة ،وأشار لهم إلا أنه قبل أن يتكلم ،كان مكبر الصوت يطلب من
بالركوب :لننطلق. الجميع مغادرة البوابة الحدودية خلال نصف
أخدت السيارة بعد مسافة أقل من أربعة كيلومترات ساعة ،والالتزام بقرار الحظر ج َّراء وباء كورونا
طري ًقا فرعيًّا يتجه نحو الجنوب ،وبعد حوالي ربع الذي وصلهم صباح هذا اليوم.
ساعة وصلوا إلى قرية حدودية. حين سمعت الفتاة هذا الصوت ..جلست بقربه،
التفت السائق نحوهم وقال :اليوم تقضون الليلة وكأنها تعرفه منذ سنوات ،وسألت بقلق :وما
هنا ،وقبل الفجر نغادر مشيًا مسافة قصيرة، العمل؟
وفي الطرف الآخر ،هناك من سيوصلكم إلى أي
كاد أن يرد عليها قائ ًل :أنا من أدخل رأسه في
مكان تريدونه ..وبعد لحظة صمت أضاف :وطب ًعا أنشوطة الإعدام ..فما بالك أنت؟!
ستدفعون له مبل ًغا آخر ..أقل مما اتفقنا عليه نحن.
هز ريزان رأسه باستغراب ،بينما فتحت الفتاة باب إلا أنه أحجم عن ذلك ،وقال مستفس ًرا :يبدو أنك
كذلك مضطرة لمغادرة سوريا؟
السيارة ،وشدته من يده.
كانت القرية عبارة عن بضعة بيوت متناثرة تحيط تركت المقعد ،وهي تردد بصوت خافت :نعم.
بها الكثير من البساتين .فتح السائق الباب ،ودعاهم بدأ الناس بالمغادرة ،وخلا المكان تقريبًا ،بينما
للدخول ،وقال لريزان :أخي بإمكانكم التجول في ريزان بخطوات مترددة كان يقترب من سيارة
عمومية ،وهو لا يرفع رأسه عن إشعارات هاتفه
البيت على راحتكم ..المطبخ فيه كل ما يلزمكما.. الجوال ،والتي معظمها تعليقات بالوعيد والتهديد
وأتمنى ألا يلاحظ أحد وجودكما ،يفضل أن تظل
النوافذ مغلقة ..ثم أضاف :الليلة سأنام أنا في البيت على منشوره الأخير.
المجاور ..وقبل أن يتركهما ،قال :حوالي الساعة أمام السيارة كاد أن يرتطم بتلك الفتاة السمراء،
الرابعة صبا ًحا كونا متجهزين ..ثم غادر تار ًكا والتي كانت بدورها متوترة وتبدو قلقة ج ًّدا.
خلفه ريزان منده ًشا لكل ما يحدث ،بينما الفتاة التفت إليهما السائق ،ووجه كلامه لريزان :لم يبق
أحد غيركما ،هل تودان دفع الإيجار كام ًل ..لننطلق.
التي لا يعرف اسمها قالت :ألست جائ ًعا؟ نظر ريزان إلى الفتاة ،بينما انشغل السائق بمسح
في المطبخ ،وبينما هي تعد الشاي ،اقترب منها،
وقال :ريزان أنا ،ريزان من قامشلو ..قامشلي. زجاج سيارته.