Page 94 - مجلة ثقافة قانونية عدد المؤتمر
P. 94
-6تشكيل مرجعية موحدة ،للجهات القضائية والإدارية بالدولة؛ مما يُسهل على هذه الجهات الوصول
لقانون واحد ،وليس قوانين متفرقة.
السلبيات العملية:
نرى أن هذه الإيجابيات المذكورة تحمل في طياتها سلبيات لفكرة وضع قانون موحد وشامل
لتنظيم الذكاء الاصطناعي ،ونتناول تلك السلبيات فيما يلي:
-1الجمود التشريعي؛ إذ سيكون نظام القانون الموحد عبئًا على عملية التطور التشريعي ،فالذكاء
الاصطناعي يتطور بسرعة كبيرة في أغلب مجالات استخدامه ،ومن ثم ،سيحتاج القانون إلى تعديلات
متواترة تتطلب مراجعة القانون بأكمله عند كل تعديل لتحقيق وحدة القانون.
-2صعوبة الصياغة التشريعية والإفراط في العمومية ،فصياغة قانون موحد يجمع كل المجالات
ال ُمستخدم فيها الذكاء الاصطناعي عبء كبير على ال ُمشرع الذي سيكون عليه مراعاة جميع الحالات
المتصورة لإشكالات قانونية قد تثور في التطبيق العملي للذكاء الاصطناعي وتنظيمها ،فيكون بين مطرقة
التعجل للوصول لصياغة القانون الموحد -الذي تحتاج له الدولة بشكل سريع لضبط التعامل بهذه التقنية
وجذب الاستثمارات -وسندان اللجوء للعمومية لتحقيق إصدار القانون في وقت مناسب دون الإفراط في
التفاصيل ،الأمر الذي سي ُج ُّر المشرع إلى إخراج قانون غير قادر على إحكام السيطرة على سوق الذكاء
الاصطناعي؛ مما سيترتب عليه أضرار اقتصادية كبيرة على الدولة.
ومن ناحية أخرى ،فإن صياغة تشريع بهذه المواصفات يتطلب تجميع خبراء من جميع الجهات
والمجالات التي يدخل فيها الذكاء الاصطناعي تحت سقف واحد لصياغته ،وهو أمر من الناحية العملية
يكاد يكون مستحيلاً لصعوبة التنسيق بين كل هؤلاء الخبراء والتخصصات وإخراج قانون متناسق يحمل
تنظي ًما لكل التفاصيل الدقيقة في كل مجال.
-3صعوبة مواكبة هذا القانون للتطورات المتلاحقة للذكاء الاصطناعي ،فلما كانت هذه التطورات تحدث
بشكل سريع يحتاج لمرونة تشريعية تواكبه ،فإن وضع قانون موحد وشامل يجعل تحقيق هذه الغاية من
الصعوبة بمكان؛ لأن إجراء تعديلات في قانون شامل وموحد يحتاج إلى مراجعة للقانون بأكمله لضمان
عدم الخروج عن سياقه ،الأمر الذي سيؤدي إلى تأجيل التعديلات ال ُمتطلبة لحين إجراء تعديل شامل
للتشريع.
-4التعارض والازدواجية في النصوص ،فصياغة تشريع موحد للذكاء الاصطناعي يشمل كل مجالات
تطبيقه ،سيترتب عليه حت ًما ظهور تعارضات من ناحية ،ومن ناحية أخرى ازدواجية بين بعض نصوصه
وبين النصوص القائمة في القوانين الخاصة بكل مجال ،قد تؤدي بتلك النصوص إلى هاوية عدم
الدستورية.
ثانيًا :وضع قانون إطاري للمبادئ العامة يتبعه تعديلات تشريعية منفصلة في كل قانون في ضوء
القانون الإطاري.
وفي هذا التصور يتم وضع قانون إطاري تتسم مواده بالعمومية والشمولية لتحديد المبادئ
الأساسية في تصنيع واستخدام الذكاء الاصطناعي ،وكذا تحديد القيم والمبادئ وأخلاقيات الذكاء
الاصطناعي AI Ethicsوالحقوق العامة الواجب الالتزام بها في هذا المجال .على أن تكون الخطوة
الثانية هي تناول كل مجال على حدة وإجراء التعديلات والإضافات التشريعية اللازمة في القوانين القائمة
لتنظيم الذكاء الاصطناعي ،فعلى سبيل المثال مجال "العمل" ،وهو مجال يدخل الذكاء الاصطناعي فيه
بقوة ويُنزل عليه آثاره التي يجب الاستعداد لها بالتشريع المناسب لتنظيمها ،ففي مجال العمل يضع القانون
الإطاري مبدأ وجوب الحفاظ على حقوق العمال وضماناتهم الاجتماعية ،ووجوب مراعاة العدالة
مجلة ثقافة قانونية -عدد خاص بمؤتمر القانون والذكاء الاصطناعي | 94Page