Page 95 - مجلة ثقافة قانونية عدد المؤتمر
P. 95

‫والمساواة ومنع التحيز الخوارزمي ‪ Algorithm Bias‬في التعامل مع العمال‪ .‬ثم يتبع ذلك إضافة مواد‬
‫في قانون العمل القائم تتناول بالتفصيل كيفية تحقيق المبادئ الواردة في القانون الإطاري‪ ،‬فالحفاظ على‬
‫حق العامل ‪-‬في مواجهة اعتماد الشركة التي يعمل بها لتطبيق الذكاء الاصطناعي‪ ،‬والذي سيؤدي إلى‬
‫تخلي الشركة عنه وإنهاء علاقة العمل‪ -‬يحتاج إلى مواد في قانون العمل تضع ضمانات للعامل الذي‬
‫يستبدله صاحب العمل بالذكاء الاصطناعي؛ مثل إلزام الأخير بإيجاد فرصة عمل بديله له بدلاً من فصله‪،‬‬
‫وتدريبه عليها على نفقة الشركة‪ ،‬أو إلزام صاحب العمل بدفع معاش شهري يساوي راتبه لمدة سنة أو أقل‬
‫إن حصل على عمل براتب يوافق راتبه قبل فوات السنة‪ .‬وتنظيم حدود استخدام الذكاء الاصطناعي في‬
‫شؤون التعيين والتقييم والترقيات وبيان وسائل الرقابة البشرية على هذا الاستخدام‪ ،‬وكذلك وضع مواد‬

                               ‫جزائية بعقوبات على صاحب العمل إن تخلف عن هذا الالتزام السالف‪.‬‬

‫ومثال آخر َنعرض له‪ ،‬وهو استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم‪ ،‬فاستخدامه في العملية‬
‫التعليمية أصبح واسع النطاق؛ حيث شمل تقديم الدروس والشروح للمناهج التعليمية‪ ،‬وإجراء المقابلات‬
‫الشخصية مع المتقدمين للجامعات‪ ،‬حتى امتد إلى تصويب الامتحانات ومنح الدرجات‪ ،‬وغير ذلك من‬
‫الاستخدامات‪ .‬ودور القانون الإطاري في هذا المثال أن ينص على تحديد الإطار العام الذي يجب ألا‬
‫يتجاوزه استخدام الذكاء الاصطناعي وبيان الحد الفاصل بين دوره والاختصاص البشري الذي يجب ألا‬
‫يتخطاه؛ فلا ينجم عن استخدامه القضاء على التفاعل الحقيقي بين الطلاب والمعلم‪ ،‬وضمان المساواة بين‬
‫المتعلمين كافة؛ سواء في النفاذ إلى تلك التكنولوجيا أو في تقييم الذكاء الاصطناعي لهم بدون تحيز؛ ثم‬
‫يتبع تلك القواعد العامة التي سيضعها القانون الإطاري تعديلات وإضافات في قانون التعليم توضح‬
‫إجراءات وكيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية‪ ،‬وفي أي مراحلها تحديدًا‪ ،‬ويضع‬
‫الضمانات المستحقة للطلاب في التعامل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي‪ ،‬وفي الحفاظ على بياناتهم التي‬

                                                                                       ‫يستخدمها‪.‬‬

                                                                            ‫أفضلية النموذج الثاني‬

‫ولما كان استخدام الذكاء الاصطناعي يتسع مجاله يو ًما بعد يوم‪ ،‬وتتطور تفاصيل تشغيله‬
‫واستخدامه كذلك بصورة سريعة‪ ،‬فإنه سيترتب على ذلك التطور المتلاحق احتيا ًجا لتطور تشريعي‬
‫يواكبه‪ ،‬بل ويسبقه في بعض الأحيان ممهدًا الطريق له‪ .‬ولا يمكن تحقيق هذه المرونة التشريعية المطلوبة‬
‫في ظل وجود قانون شامل موحد لجميع استخدامات الذكاء الاصطناعي‪ ،‬ولكن الحل فيما نرى هو في‬

                                 ‫نموذج "القانون الإطاري" والتعديلات التشريعية في القوانين القائمة‪.‬‬

                                   ‫سهولة التشريع وتقليل التكلفة وتحقيق الالتزامات الدولية‬
‫وهذا النموذج يُم ِّكننا كذلك من استخدام أدوات تشريعية أو تنفيذية أدنى مرتبة من القانون مثل‬
‫القرارات واللوائح ذات الصفة التشريعية التي تصدر عن الحكومة عو ًضا عن التعديل في القوانين إذا‬
‫أمكن اللجوء إليها حسب الأحوال‪ ،‬ففي ذلك فائدة تتمثل في تحقيق الهدف المطلوب دون إضافة مواد‬
‫قانونية جديدة على البيئة التشريعية ال ُمتخمة بالفعل‪ ،‬وباستخدام أدوات أقل تكلفة وأسرع من التعديل في‬

                                                                                         ‫القانون‪3.‬‬

‫ومن أهم مزايا نموذج القانون الإطاري هي تحقيق الالتزامات الدولية الواقعة على عاتق الدولة‪،‬‬
‫من خلال النصوص العامة الواضحة التي تتفق والمبادئ العامة الواردة في الاتفاقيات والمعاهدات‬

                    ‫الدولية‪ .‬ولهذا الأمر أهمية كبيرة للدولة؛ فيظهرها بمظهر ال ُملتزم بالتعهدات الدولية‪.‬‬

‫دليل جمهورية مصر العربية لإعداد وصياغة مشروعات القوانين صفحة ‪3 26‬‬

     ‫مجلة ثقافة قانونية ‪ -‬عدد خاص بمؤتمر القانون والذكاء الاصطناعي | ‪95Page‬‬
   90   91   92   93   94   95   96   97   98   99   100