Page 4 - كتاب النبأ العظيم
P. 4
معنى القرآن
وهي مقدمة ضرورية للتعرف على القرآن ،ماهيته ،وتسميته ،وحدوده ،والفرق بينه وبين الحديث القدسي
والنبوي.
ويعلل الكاتب تسمية القرآن قرآنا َك ْونه َمتل ًّوا بالألسنة ،وكذلك سمي كتابا َك ْونه ُم َدونا بالأقلام ،وهذه إشارة
إلى أنه من حقه العناية بحفظه في الصدور والسطور جميعا ،وقد ميز العلماء القرآن بتعريف يختلف عن
بعض ما عداه مما قد يُشاركه الاسم ولو تو ُّهما ،كالأحاديث القدسية وبعض الأحاديث النبوية فقالوا" :القرآن
هو كلام الله تعالى ،المنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم -ال ُمتعبد بتلاوته".
فالتقيد بكونه (المتعبد بتلاوته) أخرج ما لم نؤمر بتلاوته كالأحاديث القُدسية ،وهي المنزلة من عند الله
بألفاظها.
ولما نزل هذا القرآن ُمصدقا لما قبله من الكتب وجامعا لما فيها وزائدا عليها بما شاء الله زيادته ،فقد قدر
الله أن يبقى حجة إلى قيام الساعة "إِ ّنَا َن ْح ُن َن َّز ْلنَا ال ِذ ْك َر َو ِإ َنّا لَهُ لَ َحافِ ُظون".
بيان مصدر القرآن
تلقاه جبريل من لدن حكيم عليم ثم نزله بلسان عربي مبين على قلب محمد صلى الله عليه وسلمَ ،فتَلقنَه كما
يتلقن التلميذ عن أستاذه ن ًّصا من النصوص ،ولم يكن له فيه عمل من بعد ذلك إلا الوعي والحفظ ،ثم الحكاية
والتبليغ ،ثم البيان والتفسير ،ثم التطبيق والتنفيذ ،أما ابتكار معانيه وصياغة مبانيه فما هو منها بسبيل،
وليس له من أمرها شيء ،إن هو إلا وحي يوحى.
ومن أدلة كونه منزل من عند الله وليس من عند محمد صلى الله عليه وسلم الكثير والكثير التي ذكر الكاتب
منها :حادثة الإفك حين افتى المنافقون على السيدة عائشة ،وتعاقبت الأيام والأسابيع لتصبح شهرا كاملا
ولم يزد الرسول -صلى الله عليه وسلم -أن قال لها" :يا عائشة ،أما أنه بلغني كذا وكذا ،فإن كنت بريئة
فسيبرئك الله ،وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله ،فما منعه لو أن أمر القرآن إليه أن يقول الكلمة الحاسمة
ولا ينتظر نزول الوحي بالقول الفصل؟!
3