Page 7 - كتاب النبأ العظيم
P. 7
إعجاز القرآن الكريم والشبهات حوله
إن القـــرآن معجـــزة لغويـــة وقـــد يتـــوهم الـــبعض أنـــه يســـتطيع الإتيـــان بمثـــل أســـلوب القـــرآن
الكـــريم وهـــذا إنمـــا يعـــرض لاغـــرار الناشـــئين ولا يظنـــه أحـــ ٌد مـــن الكبـــار المنتهـــين ،ومثـــل
هـــذا دواؤه أن يطيـــل النظـــر فـــي أســـاليب العـــرب ،حتـــى تســـتحكم عنـــده َم َلكـــة النقـــد والبيـــان،
ومع كل ُخطوة ستزيد معر َفته بق ْدره ويزداد شعوره بعجزه.
وفـــي التـــاريخ ِعبـــر لأُنـــا ٍس حـــاولوا مثـــل هـــذه المحـــاولات فجـــاءوا بكـــلا ٍم لا يشـــبه القـــرآن،
وكـــان ُســـخرية للســـاخرين ،ومـــثلا لقخـــرين ،وقـــد يقـــول قائـــل" :لعـــل هـــذا الأمـــر يكـــون
أ ْي َســر علــى مــن هــو أفصــح منــي لســانا وأ ْســ َحر بيانــا“ ،فنقــول لــه :ارجــع إلــى التــاريخ الــذي
ســـجل عجـــز أهـــل اللغـــة فـــي عصـــر نـــزول القـــرآن ،وهـــو أزهـــى عصـــور البيـــان العربـــي.
لقـــد وجـــدوا أنفســـهم عـــاجزين ومـــا كـــان جـــوابهم إلا أن ركبـــوا مـــتن الحـُـتــــوف ،واســـتنطقوا
السيوف بدل الحروف.
وقــــد يقــــول قائــــل إ َّن عــــدم معارضــــة العــــرب للقــــرآن كــــان بســــبب انصــــرافهم لا بســــبب
عجـــزهم ،وهـــذا الفـــرض لا ينطبـــق هنـــا ،فقـــد اســـتثار القـــرآن حميـــتهم وتحـــداهم غيـــر مـــرة
لمضـــاهاة هـــذا العمـــل ،وقـــد كـــان أمـــر محمـــد والقـــرآن هـــو ُشـــغلهم الشـــاغل ،فلـــم يَـــ َدعوا
وســـيلة للمقاومـــة إلا ولجئـــوا إليهـــا .لقـــد كـــان القـــرآن مثـــار عجـــبهم وإعجـــابهم ،حتـــى أنهـــم
كـــانوا يخـــرون ُســـ َّجدا لســـماعه ،وقـــد يـــرى الـــبعض أن إعجـــاز القـــرآن لـــيس مـــن الناحيـــة
اللغويـــة ،فهـــو لا َي ْخـــ ُرج عـــن اللغـــة العربيـــة ،فمـــن حروفهـــا ركبـــت كلماتـــه ،ومـــن كلماتهـــا
أُلفَـــت ُجملـــه وآياتـــه ،فهـــذا نقـــول لـــه إن صـــنعة ال َبيَـــان مثـــل صـــنعة البُ ْنيـــان ،فالمهندســـون
البنـــاؤون لا يختلقـــون مـــادةَ بنـــا ٍء لـــم تكـــن موجـــودة فـــي الأرض ،ولا َي ْعـــدو مـــا يصـــنعونه
أن يكـــون ُجــــدرانا مرفوعــــة و ُســـقُفا موضــــوعة ولكــــنهم تتفاضـــل صــــناعتهم ،وكــــذلك أهــــل
اللغـــة يـــؤدون الغـــرض الواحـــد علـــى طرائـــق شـــتي يتفـــاوت حظهـــا فـــي الحســـن والقبـــيح.
6