Page 8 - كتاب النبأ العظيم
P. 8
إعجاز القرآن الكريم والشبهات حوله
إن القرآن معجزة لغوية وقد يتوهم البعض أنه يستطيع الإتيان بمثل أسلوب القرآن الكريم وهذا إنما يعرض
للأغرار الناشئين ولا يظنه أح ٌد من الكبار المنتهين ،ومثل هذا دواؤه أن يطيل النظر في أساليب العرب،
حت تستحُك عنده رملركة النقد والبيان ،ومع كل ُخطوة ستزيد معرفرته بق ْدره ويزداد شعوره بعجزه.
وفي التاريخ ِعبر ل ُأًن ٍس حاولوا مثل هذه المحاولات فجاءوا بكلا ٍم لا يشبه القرآن ،وكان ُُسرية للساخرين ،ومثلا
للآخرين ،وقد يقول قائل" :لعل هذا الأمر يكون أيْ رسر على من هو أفصح مني لساًن وأ ْْ رسر بياًن“ ،فنقول َل:
ارجع إلى التاريخ الذي سجل عجز أهل اللغة في عص نزول القرآن ،وهو أزهى عصور البيان العربي .لقد وجدوا
أنفسهم عاجزين وما كان جوابهم إلا أن ركبوا متن الحُـتـوف ،واستنطقوا السيوف بدل الحروف.
وقد يقول قائل إ ان عدم معارضة العرب للقرآن كان بسبب انصافهم لا بسبب عجزهم ،وهذا الفرض لا ينطبق
هنا ،فقد استثار القرآن حميتهم وتحداهم غير مرة لمضاهاة هذا العمل ،وقد كان أمر محمد والقرآن هو ُشغلهم
الشاغل ،فلم ير ردعوا وسيلة للمقاومة إلا ولجئوا إليها .لقد كان القرآن مثار عجبهم وإعجابهم ،حت أنم كانوا يخرون
ُسجادا لسماعه ،وقد يرى البعض أن إعجاز القرآن ليس من الناحية اللغوية ،فهو لا ير ْخ ُرج عن اللغة العربية ،فمن
حروفها ركبت كلماته ،ومن كلماتها ُأل رفت جُمله وآياته ،فهذا نقول َل إن صنعة ال رب ريان مثل صنعة ال ُبنْيان،
فالمهندسون البناؤون لا يختلقون ماد رة بنا ٍء لم تكن موجودة في الأرض ،ولا ير ْعدو ما يصنعونه أن يكون ُجدراًن
مرفوعة و ُس ُقفا موضوعة ولكنهم تتفاضل صناعتهم ،وكذلك أهل اللغة يؤدون الغرض الواحد على طرائق شتي
7