Page 9 - كتاب النبأ العظيم
P. 9
يتفاوت حظها في الحسن والقبيح .وقد يقول قائل إن عجز العرب ليس خصوصية للقرآن ،بل لأن أسلوب كل
قائل صورة نفسه فلا أحد غيره يستطيع أن ي ِحل محله ،قلنا َل إننا حين نتحدى الناس لا نطالبهم أن يجيئوًن
بنفس صورته الكلامية ،بل ندعوهم إلى التماثل أو المقاربة فيه ،وهو هذا القدر الذي يتنافس فيه البلغاء.
إن أول ما يلاقيك ويستدعي انتباهك في أسلوب القرآن هو الجمال التوقيعي في توزيع حركاته وسكناته ،و رمداته
و ُغناته ،ستجد فيه اتساقا وائتلافا يسترعي من سمعك ما تسترعيه الموسيقى والشعر ،على أنه ليس بأنغام
الموسيقى ولا أوزان الشعر .إنه لح ٌن متنوع متجدد.
الأمر الثاني :هو الجمال التنسيقي في رصف حروفه وتأليفها من مجموعات مؤتلفة فترى كلاما ليس بالحر رَضي
الفاتر ولا بالبدوي الخشن ،بل تراه قد امتزجت فيه جزالة البادية وفخامتها ِب ِرقة الحاضرة وسلاستها ،من هاتين
الخاصيتين تتألف القشرة السطحية للقرآن ،وليس شأن هذا الغلاف إلا كشأن الأصداف تحوي اللآلئ
النفيسة.
خصائص القرآن البيانية
من خصائص القران البيانية القصد في اللفظ بحق المعنى ،إنما نايتان كل من حاول الجمع بينهما وقف موقف
الز ْوج من ُض تر ْين لا يستطيع أن يع ِدل بينهما ،فالذي يعتمد على ادخار لفظه لا ينفك إلا أن يرحيف على المعنى،
والذي يعمد إلى الوفاء بحق المعنى ،لا يجد َل بُدا من أن ير ُمد في نفسه مدا ،وكذلك من خصائصه خطاب
العامة وخطاب الخاصة ،وهاًتن غايتان ُأخريان ُمتباعدًتن عن الناس ،فلو أنك خاطبت الأذكياء بالواضح
8