Page 16 - merit 47
P. 16
العـدد 47 14
نوفمبر ٢٠٢2
لا أدرى إذا ما كنت تذكرها؟! ع ّل قلبك حين أعب ُر ُه
أترى يه ُّمك أن تراها بره ًة؟! يعيدك طائ ًعا
كي أرتمي
وتزي ُد من وض ِع الزهو ِر
لكى تح َّط روائ ًحا فو َق الجدا ْر في نهر عينيك انب َها ًرا
ثم أسب ُح
هل يا ترى ما زلت تهفو
كي تشم روائح الأزها ِر؟!()18 باتجاه شواطئ الزم ِن الجمي ِل()15
ثم ينتقل الشاعر من معاتبة ابنه إلى معاتبة الوطن، ب -غري ٌب يلقا ُه غريب:
الذي يرى أبناءه ولا يهتم بهم جمي ًعا؛ فهو يتركهم
يخرجون إلى سفر بعيد ،غريب في بلد غريب ،لا وما زال الأب يتذكر ابنه وصورة الرحيل وكأنها
يعرف ما مصيره؟ ونلاحظ أن الشاعر يؤكد عدم نار تشعل أشواقه نحوه ،فيحدث نفسه:
رجوع ابنه ،حتى ولو لم يجد في بلد الغربة مكا ًنا «سيعو ُد م ْن بل ٍد بعي ْد»()16
له ،فهو يذهب إلى بلد آخر ،وكأنه سافر زمنًا بعي ًدا
وهذا هو عنوان الديوان ،الذي يتشوق فيه الأب إلى
لا يعرف متى يرجع؟! عودة ابنه ،من بل ٍد ،ونرى كلمة (بلد) نكرة لماذا؟
هو ذا غري ٌب سو َف يلقاه الغري ْب هل هذه البلد بعيدة ج ًّدا؟ أو أن ابنه يتنقل من
بلد إلى أخرى؟ أو أن هذه البلد لا شيء بالنسبة
فأخاف حين يزي ُد ضي ُق َك
أن تحن لغرب ٍة أخ َرى)19(.. لمصر؟ وهذا الأخير ما نراه قريبًا إلينا ،فمصر أولى
ويلوم على ابنه هذا ال ُبعد عن الوطن ،ولماذا يذهب بأبنائها من غيرها .ثم يعود الشاعر ،وكأن الشوق
بعي ًدا؟! أليس الوطن أولى؟! أليس حضني أولى بك؟! الذي غطى عليه أنساه أنه يكتب قصيدة لابنه الذي
أليست ابنتك أولى بك وأهلك؟! بلى ،الجميع أولى به
من ال ُغربة .وهنا يختم الشاعر القصيدة بالحفيدة سيعود:
التي تبقى هنا وأنت هناك في ال ُغربة ،هي باقية قل ْت :انتظ ْر
لتحمل َعبق الماضي ،وأمل المستقبل ،هي النبت الذي كي َما أرت ُب بع َض أشيائي
ننتظر نضجه حتى ينفع بلاده: وأغل ُق ك ّو َة القل ِب العني ْد
ظ َّل الحني ُن يد ُّق في جنباتها،
حفيد ِتي ليم َّر من أسوار صدري،
وبري ُق عينيها يعي ُد ل َنا النها َر علّه يلقا َك أ َّو َل ما ته ْل(.)17
ويعود الأب إلى لوم نفسه وعتابها ،وماذا حمل من
لأنه النبت الذي، اغتراب ابنه؟ وهل ترك البحار ليذهب إلى البحار؟
سيظ ُّل يحم ُل في ملا ِم ِحه، تذكر يا بني الوطن ،وأن لك فيه أسرة تنتظرك،
وبعض الفطائر التي تحبها في انتظارك ،أما تتذكر
ملام َح َنا، أمك التي لا تزال تبحث عنك في قصص الطفولة،
وأمجا ًدا كتب َناها، العودة إلى الماضي والحنين إلى ذكريات طفولته.
وفجأة ،نرى ال ُحلم الجميل ،يرسمه لنا الأب في
ونب ًتا ظل ينمو لوحات جميلة يرى من خلالها ابنه كذلك ،وكأنه لا
قد نراه ولا نراه يريد أن ينساه ،وكيف ذلك؟! إنه حنان الأب الحزين
على بعد ابنه .وهنا يعود الشاعر إلى تذكر الماضي
فأقم هنا، الذي يذكره بابنه ،فيستخدم أسلوب الاستفهام
فالأر ُض أر ُض َك،
التعجبي:
والبلا ْد وهياك َل اللع ِب القديم ِة
هي البلاد)20(!.. والدفاتر والورود اليابسا ِت
ج -عودة الابن إلى أحضان أبيه:
عودة الابن والصورة الخيالية للأب الحزين، وبقي َة الأشيا ِء.
والصورة الومضة لعودة الابن ،وكأن الأب يكتب
ويظن أن القدر يأتيه فجأة ،فيرسل هذه الكلمات