Page 17 - merit 47
P. 17

‫أول ما نطالعه في الديوان‬                      ‫أحمد شوقي‬

   ‫العنوان‪" :‬سيعو ُد من بل ٍد بعيد"‪،‬‬                    ‫إليه‪ ،‬وهذا شيء صعب؛ ربما لعدم‬
       ‫إذ يمثل الثقل الدلالي للديوان‬
                                                        ‫الاتصال أو ربما لشيء لا نعرفه‪ ،‬أو أن‬
     ‫كامًل‪ ،‬ونجد في كل قصيدة من‬
                                                        ‫الشاعر يترك هذه الكلمات لابنه بعد عودته‬
         ‫قصائده الثمانية والعشرين‬
        ‫عنوا ًنا يختلف عن الآخر‪ ،‬ولها‬                                    ‫للوطن‪ ،‬فيقول‪:‬‬
                                                        ‫حي َن تعو ُد إل َى غرف ِت َك المهجور ِة‬
      ‫دلالة تختلف عن الأخرى‪ ،‬لكنها‬                      ‫ُخ َطاي‬  ‫آثا َر‬  ‫حي َن تر َى‬  ‫فتم َّه ْل‬
                                                                            ‫حر ٍف‬     ‫وبقايا‬
           ‫–جمي ًعا‪ -‬تعبر عن المأساة‬                           ‫كن ُت أحاو ُل أن أجم َع ُه‬
      ‫الحقيقية للشاعر التي تبين لنا‬                     ‫إكليىماحأركتٍف ُبآ َمخا َريختلِ ُج بصد ِري‪،‬‬

           ‫أزماته الداخلية والخارجية‪.‬‬                         ‫استع ْص ْت ك ُّل حروفي(‪)21‬‬
                                                        ‫ثم لا يطيق الأب أن يخفي إحساسه وشغفه الدائم‬
                        ‫حتى حين تعو ُد تراني‬
              ‫كما كن ُت قدي ًما فارس َك المغوا ْر(‪.)23‬‬  ‫بما فيه من اشتياق نحو ابنه‪:‬‬

      ‫‪ -2‬الرحيل عن وط ٍن يأ ُكلُنا‬                      ‫ما طاوعني إلا أن أكت َب أني‬
                                                                         ‫اشتق ُت إليك‬
 ‫بعد معاتبة الشاعر لابنه‪ ،‬ذ َّكره بالعودة إلى الوطن‬                      ‫كنت أحاو ُل‬
      ‫الذي يجد فيه ما يريد بعد سنوات الخبرة في‬          ‫أ ْن أرسلَها كي َما تأتي(‪)22‬‬
                                                        ‫ونلاحظ قلب الأب المكلوم وخبرا يثلج صدره‬
 ‫الخارج‪ ،‬وطن هو الأفضل؛ لأنه هو الأحق بكل ما‬
 ‫تبذل وكل ما تمتلك من الطاقات الإيجابية المكنونة‬        ‫ويخبره عن ابنه البعيد في بلاد ال ُغربة‪ ،‬القريب في‬

                                       ‫بداخلك‪.‬‬          ‫غرفة لا تفارق خيال الأب والأم والعائلة كلها‪ ،‬حيث‬
               ‫وابح ْث عن وط ٍن يتر ُك ما تمل ُك ُه‬
                                                        ‫يعود الأب إلى لوم نفسه على موافقته على السفر‬
                              ‫وط ٍن حي َن تجي ُء‬
                                        ‫يجي ُئ َك‬       ‫الذي جعل ابنه يفارقه هذه المدة الطويلة‪:‬‬
                                                               ‫كما كن َت ترا ِني فار َس َك المغوا َر‬
                        ‫ويش ُّدك كي لا تتركه(‪)24‬‬                  ‫وحين ترجل َت ترك ُتك ترح ُل‬
  ‫وها هي لحظة الوداع‪ ،‬وقبل مغادرة الابن وطنه‪:‬‬                               ‫وجلس ُت أج ِّم َع ِني‬

                      ‫وحاذر أن تنكس َر عيو ُن َك‬
                          ‫إذ ترق ُب َك وأن َت تغاد ُر‬
                            ‫دعهم يفتخرو َن(‪)25‬‬

‫وهنا يستدعي الشاعر لغة القرآن الكريم؛ عسى الله‬
 ‫أن يقرب إليه ابنه‪ ،‬ويعطي له النصائح حتى يبقى‬
                      ‫مرفوع الرأس وكأنه نخلة‪:‬‬
   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21   22