Page 36 - merit 47
P. 36

‫جمعتها في يدها وصارت كالعنكبوت‬                  ‫"شيمون بلولو"‪ ،‬اليهودي المغربي‪،‬‬
 ‫تستجيب لأدنى تردداتها»(‪ ،)29‬باعتبارها‬
                                                      ‫الشخصية الأكثر انشغاًل واحترا ًقا‬
    ‫جز ًءا أصي ًل من هوية الذات وثقافتها‬
      ‫الشعبية التي أدت دو ًرا حاس ًما في‬               ‫بسؤال الهوية في رواية "زغاريد‬

  ‫استمرارية الثقافة المحلية وأمنت بقاءها‬           ‫الموت"‪ .‬عندما اضطر إلى هجرة أرضه‬
                      ‫على مر العصور‪.‬‬
                                                      ‫القاحلة‪ ،‬وبيته الحقير‪ ،‬وشجيراته‬
  ‫على الرغم من وجود الحرب الضروس‬
   ‫بين المستعمر الفرنسي وروح المقاومة‬                ‫العجفاء‪ ،‬في جنوب البلاد‪ ،‬وانطلق‬

     ‫الوطنية‪ ،‬أثناء فترة الاستعمار إلا أن‬             ‫في رحلة محفوفة بالموت من كل‬
  ‫المجتمع المغربي من خلال الرواية عرف‬
                                                      ‫جانب‪ ،‬رفقة زوجته "إيزا" وابنهما‬
      ‫قي ًما للتعايش والتسامي الحضاري‬                ‫"إسو"‪ ،‬قاص ًدا مدينة مكناس‪ ،‬بح ًثا‬
     ‫لا مثيل لها‪ ،‬جسد التعايش والحوار‬
      ‫بين مختلف الهويات‪ ،‬هذا ما عبرت‬                 ‫عن قليل من القوت يسد الرمق‪ ،‬لم‬
   ‫عنه الرواية من خلال اللقاء الذي جمع‬
      ‫الأصدقاء فوق سطح المنزل‪ ،‬يقول‬                        ‫يفعل ذلك إلا مضطًّرا وكار ًها‪.‬‬
    ‫السارد في الفصل المعنون «بثرة فوق‬
    ‫السطح»‪« :‬لنتخيل‪ ،‬مجرد خيال‪ ،‬تلك‬                   ‫ثقافة الآخر الفرنسي الذي وجدت سبلها من خلال‬
‫الجلسات المسكونة بمصائر متوازية‪ ،‬قيد‬                 ‫محكي مدام لانسو‪ ،‬الذي شيد لها قص ًرا على طريقة‬
 ‫لها أن تتلاقى في غفلة من تاريخ مريض‬
      ‫دون الحقائق الشخصية التي يراد‬                       ‫البناء الفرنسية‪ ،‬باعتبارها ثقافة دخيلة لا تمت‬
    ‫غالبًا تعميمها‪ ،‬دون تصنع ولا تقوى زائفة‪ ،‬ولا‬         ‫بصلة إلى هوية الشعب المغربي ولا إلى أصالته‪،‬‬
   ‫منافحة عن يقين‪ ،‬استراحة من ضغائن الهويات‪،‬‬          ‫بالمقابل نجد الهوية الثقافية المحلية (للأنا) حاضرة‬
                                                     ‫بقوة من خلال الرواية بمختلف تجلياتها‪ :‬من تقاليد‬
                       ‫واستسلا ًما لتناغم هادئ‪..‬‬          ‫وعادات وأغاني وحكايات وخرافات‪ ،‬فجسدت‬
    ‫انبرى بيبينو للحديث‪ .‬كان ما يجري بفلسطين‬            ‫شخصية (لآلة هنو) دور الحكيمة التي تستشار‬
  ‫يسير باتجاه أن يغدو جز ًءا من صميم انشغالات‬          ‫في كل شيء وتعرف حلول كل المشاكل في القرية‪،‬‬
                                                        ‫وتشد الرحال إليها‪« :،‬هنو امرأة تلتحف بالسواد‬
                                         ‫القبيلة‪.‬‬    ‫أب ًدا كالخفاش‪ .‬تجاوزت الماية بكثير‪ ،‬احتفظت بكامل‬
     ‫‪ -‬تتعرفوا آ الإخوان جماعة اليهود اللي احتلوا‬      ‫قواها وحيويتها‪ ،‬وحده فمها أقفر‪ ..‬تراث متحرك‪،‬‬
‫فلسطين‪ ..‬كانوا ف للمان تيعذبهم هتلر كل يوم‪ ،‬ف‬         ‫حكايات‪ ،‬تواريخ‪ ،‬طب أعشاب‪ ،‬سحر‪ ،‬إرشادات في‬
  ‫واحد النهار جمعهم الحزان الكبير ديالهم أو قال‬         ‫أمور النساء المختلفة‪ ،‬دسائس ومؤامرات‪ .‬الوجه‬
  ‫ليهم «لازم نهربوا»‪ .‬ف جنب البحر خرج عصاتو‬             ‫الأكثر إطنا ًبا في التواجد بالبيوت اليهودية وحتى‬
‫وشق بها الما أو قال ليهم «البحر من ورائكم والعدو‬       ‫منازل المسلمين‪ ،‬هنا وهناك تضرب هنو بسهامها‬
                                                        ‫إما حلال أو حرام‪ ،‬حتى أحكمت في فضاء القبيلة‬
                                       ‫أمامكم»‪.‬‬        ‫نسج شبكة مترامية ذات خيوط رفيعة‪ ،‬ظفرت من‬
  ‫ضحك العلالي وضرب ك ًّفا بكف فاستشاط بيبينو‬          ‫أسرار وخفايا وحاجات‪ ،‬أعمال إنسانية وشيطانية‬

                                         ‫غضبًا‪:‬‬
   ‫‪ -‬ما تضحكش هاذ الأمور موجودة في القرآن‪..‬‬

      ‫والله العظيم‪ ..‬وانت ما تتفهمش في البوليتيك‪.‬‬
  ‫‪ -‬تتعرفوا بن دودو العشاب (حرك العلالي رأسه‬
 ‫بتثاقل‪ ،‬فتابع إسو) واحد النهار جاب للوالد كتاب‬

     ‫قديم سميتو يمكن «بذل المجهود» كاتبو واحد‬
   31   32   33   34   35   36   37   38   39   40   41