Page 37 - merit 47
P. 37
35 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
بالقبيلة ،وأن تذيب حاجز التحفظ والتصنع الذي أسمو الس ..السم ..بن يحيى .تيحكي فيه القصة
تحس به في تعاملها مع الأهالي ،جملة ،فلم تبد فقط ديال واحد الزعيم يهودي اسمه داود بن طوحى
أو بن روحي والله ما عرفت .قال لليهود ف بغداد
نو ًعا من حسن الجوار ،بل ذوبا ًنا في انشغالات بلي فواحد الليلة كلهم غاديين يطيروا لفلسطين.
محيطها .دخلت قلوب الجارات على خطى انسلاخها
أرض الميعاد .الناس مساكن ثاقوا فيه ،باعوا
الباهر من هويتها ،كن يقبلن بشغف كبير على حوايجهم أو لبسوا لخضر أو قعدوا فوق السطح
نقش الحناء في يدها وتكحيل عينها وتسويك فمها، ف ديك الليلة .كل واحد تيتسنا الجناح باش يطير
حتى صبح الصباح والمسلمين تيضحكوا عليهم،
ويلبسنها الشقة والسبنية والقفطان والدفينة، ( )..يتحدثون في كل شيء ،فضائح الحب ،أخبار
ويعلمنها كيف تعزف على البندير والطعريجة، المعمرين ،يناقشون تفاهات عامة ،يختصمون حول
الأنواع المفضلة من الخمور والنساء يحكون الملح
وكيف تطبخ الكسكس والطجين في مشاهد
شعائرية امتلكت كل جاذبية وهالة الآخر حين والذكريات ،ويخططون لمشاريع لن يتذكروها
يتنازل عن اختلافه الوحشي وغيرته القصوى غ ًدا»(.)30
ويقدمها قربا ًنا لخصمه ،بالمقابل أخلصت القبيلة في
إن الحوار الثقافي الذي دار بين الأصدقاء يعد
تبنيها لها»(.)32 أفضل معبر عن الذات الجماعية والتعايش والحوار
يمكن القول ختا ًما ،أن الكاتب عبد كريم جويطي
الثقافي المعبر عن تقبل الآخر واختلافه عن الأنا،
في رواته «زغاربيد الموت» وفق في طرح أسئلة وعن الروح الشعبية التي تسري في النص نب ًعا حيًّا
الهوية المتشظية بين موطن الولادة وأمكنة التنقل يزخر بمختلف قيم التعايش والحوار وإبراز مظاهر
المتعددة ،عبر عن الهوية الذاتية وانفصالها عن الاختلاف والاتفاق بين التعدد الحضاري ،ذلك
موطنها ،فعاشت في قلق وجودي بين أمكنة التنقل لأن «القيم الثقافية للجماعة وبأشكالها التعبيرية
والترحال بحثًا عن وسائل العيش والحياة ،فعبر والرمزية إي بكل ما يميزها عن غيرها ويلحم
كذلك عن ثنائية الأنا المستعمر وروح المقاومة التي سداها ويبلور موقفها من الوجود»(.)31
تشبع بها وخاض بها المعارك للحفاظ على الهوية كما تحضر الهوية الثقافية المعبرة عن وجود
الوطنية ،في مقابل الآخر المستعمر الذي أراد بسط انسجام وتعالق بين الأنا والآخر المتمثل من خلال
نفوذه وقبضته على البلاد ،فعبر عن مكره وخداعه العلاقة التي جمعت «لماري أنظانت» الفرنسية مع
جيرانها التي غادرت موطنها لتستقر في بني ملال
وما حل به من خنوع واستسلام أمام حمى
المستنقعات ،في مقابل ذلك عبرت ثنائية الأنا والآخر مكا ًنا لإقامتها الدائمة ،فعاشت في انسجام تام
مع الثقافة المغربية ،بل وهجرت كل ماله علاقة
الوجه المضيء من خلال وجود قيم للتعايش بهويتها ،يقول السارد« :كان عليها في شهورها
والحوار والانسجام بين بعض شخوص الرواية الأولى ،بل ذوبا ًنا لأولى أن تتجاوز حاجز اللغة وأن
التي اختارت المغرب وجهة لها ،فتشبعت بتقاليد تقبل فداحة قراراها بمقاطعة الفرنسين المتواجدين
وأعراف الأنا وحضارته وهويت ّه ،معبرة بذلك عن
الهوية الثقافية