Page 90 - merit 47
P. 90

‫العـدد ‪47‬‬   ‫‪88‬‬

‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬

‫أو لوحة فنية تعبر عن العبث الفني‪ ،‬أما ما كان يأتي‬
  ‫بعد فلا أذكره بالتفصيل‪ ،‬فالتفاصيل كلها تجمعت‬
     ‫في اللحظات الأولى المزهرة بالألوان‪ ،‬لقد أحببته‬
  ‫لأنه طالما شعرت معه بتحرر الفن‪ ،‬وتذوقته كما لم‬
                   ‫أتذوقه مع أحد غيره في حياتي‪.‬‬
 ‫أشعرني طوال المدة التي كنت بأحضانه أني جسده‬
      ‫المنحوت‪ ،‬وفنه الخاص به‪ ،‬يدخل عليه البهجة‪،‬‬
 ‫التمرد‪ ،‬الحرية‪ ،‬الانفلات من أعين العالم‪ ،‬والتقاليد‪،‬‬
  ‫والأصفاد الثقيلة‪ ..‬لقد حررني من كل ما يمكن أن‬
  ‫يقيد المرء‪ ،‬ويكبله بعفن القوانين السادية التي تحد‬
                                     ‫من إبداعنا‪.‬‬

 ‫تستيقظ الذاكرة في كثير من الأحيان في الوقت الذي‬
 ‫نريد فيه بشدة توقيفها؛ أشغل موسيقى الجاز التي‬

    ‫أحبها أي ًضا أحد عشاقي‪ ،‬وأطلق العنان لجسمي‬
      ‫وكأني أرقص مع حبيب ينتظرنا شوط حارق‬

    ‫من الغرام في الفراش‪ ،‬بين الفينة والأخرى ألمس‬
 ‫انحدارات جسمي‪ ،‬ثم نهد َّي‪ ،‬ثم وجنت َّي‪ ،‬أتخيل أني‬
  ‫مع شخص يبدي إعجابه بجسدي‪ ،‬يستعد لخوض‬

                                    ‫الحرب معه‪.‬‬
       ‫‪« -‬الخيال هو ملاذنا الأخير لعيش اللحظات‬
‫الجنونية‪ ،‬المنفلتة من سلطة العقل‪ ،‬والأكثر جرأة من‬

                            ‫أن نفعلها في الواقع»‪.‬‬
   ‫توغلت فكرة الخيال لدي هذه حينما التقيته‪ ،‬حتى‬

        ‫أصبح يستهويني ويروقني أكثر من الواقع‪.‬‬
 ‫ذلك الكاتب المفرط في خيالاته‪ ،‬التقيته في موعد كان‬
‫مقر ًرا لنا من طرف صديقي بمعرض للوحات الفنية‪،‬‬
 ‫بعدما فتشت كثي ًرا عنه‪ ،‬وجدته متس ِّم ًرا أمام لوحة‬

    ‫للفنانة المغربية الشعيبية طلال‪ ،‬كان يتطلع إليها‬
‫بعينين تتوهج حبًّا‪ ،‬وقفت إلى جانبه لبرهة طويلة من‬

   ‫الزمن‪ ،‬ولم يتزحزح من مكانه‪ ،‬فاستغربت للأمر‪،‬‬
‫ترى ألم ينتبه إلى وجودي؟ أنا الذي تعبت من البحث‬
‫عنه في هذا المكان من أجل أن يكتب لي فقط إعلا ًنا عن‬

                   ‫منتوج جديد أصدرته شركتي‪.‬‬
         ‫قررت والملل بدأ يتملكني أن أبادره القول‪:‬‬
     ‫‪« -‬ترى ما رأيك ككاتب أدبي في إبداعات المرأة‬

                                      ‫المغربية؟»‪.‬‬
 ‫كمن صعقته بكهرباء‪ ،‬أخرجته من دوامة السهو‪ ،‬ما‬
 ‫جعلني أغضب بحق‪ ،‬هو أنه لم يعر انتبا ًها لسؤالي!‬

      ‫طالبني بعدما عرفني بأن نحتسي كوب قهوة‬
   85   86   87   88   89   90   91   92   93   94   95