Page 7 - merit 45
P. 7

‫افتتاحية ‪5‬‬

‫فالترجمة الصحيحة الوحيدة للشهادتين –في‬                                             ‫كثيرين يبحثون عن هذا النوع من الكتابات‬
                                                                                    ‫ليبروزوه‪ ،‬والثاني أن الكتابة عن (المعلوم‬
‫ظنه‪ -‬أن يقبل المسلم أن يعيش تحت لواء‬                                                ‫بالضرورة) لا يحتاج موهبة خاصة بقدر‬
                                                                                ‫حاجته إلى قدرة على النقل من التراث‪ ،‬والثالث‬
‫«حكومة إسلامية»‪ ،‬لأن قبوله بشرائع البشر‬                                              ‫أن جمهور هذه الكتابات لا ينا ِقش‪ ،‬لأنها‬
                                                                                  ‫منطلقة في الأساس من فكرة التنزيل الإلهي‬
‫–وإن كانت جيدة‪ -‬تجعله راف ًضا لحكم الله‬                                         ‫غير القابل للنقاش‪ ..‬لكن السبب الأهم لانتشار‬
‫منته ًكا لحدوده‪ ،‬ومعتد ًيا على حق أصيل من‬                                        ‫كتابات سيد قطب كالنار في الهشيم أنه أُعدم‪،‬‬
‫حقوقه وهو ال ُحكم تطبي ًقا لقوله تعالى –حسب‬                                         ‫فتحول إلى أيقونة الإسلام السياسي الذي‬
    ‫« َو َمن َّ ْل َي ْح ُكم ِب َما‬  ‫تفسيرهم الخاطئ‪:-‬‬                               ‫يفتقر معظم من ينتسبون إليه إلى الموهبة‪،‬‬
‫ا ْل َكا ِف ُرو َن» «الفاسقون‪/‬‬       ‫َأن َز َل ال َّ ُل َف ُأو َٰلئِ َك ُه ُم‬     ‫وبالتالي يحتاجون إلى هذا النوع من الكتابة‪.‬‬
‫الظالمون» (المائدة‪ .)47 /45 /44 :‬هذه الفكرة‬                                      ‫ولو تصورنا سيناريو مختل ًفا أنه سجن لعدة‬
                                                                                  ‫سنوات حتى مات عبد الناصر‪ ،‬وحصل على‬
‫تحدي ًدا تقف وراء السجالات التي تدور من آن‬                                     ‫عفو رئاسي‪ ،‬كما حدث لقادة الإخوان المسلمين‬
‫لآخر حول‪ :‬هل من يفيد البشرية بعمل صالح‬                                          ‫في عهد السادات‪ ،‬ما كانت أسطورته تضخمت‪.‬‬
                                                                               ‫مشكلة سيد قطب ‪-‬في رأيي‪ -‬أنه كاتب متوسط‬
‫أو اختراع مؤثر سيدخل الجنة جزاء ما نفع‬                                          ‫القيمة‪ ،‬كان يقيِّ ُم نفسه بأكبر ‪-‬كثي ًرا ج ًّدا‪ -‬من‬
                                                                                ‫حجم موهبته الحقيقي‪ ،‬ولذلك كان ناق ًما طول‬
‫به‪ ،‬أم سيدخل النار لأنه لم يؤمن بالحاكمية؟!‬                                        ‫الوقت على الوسط الأدبي ‪-‬ككثيرين نراهم‬
‫وأص ًل‪ :‬نزع مسألة الإيمان عن أهل الكتاب‬                                           ‫في كل زمن‪ ،-‬يتصور أن الشهرة ناتجة عن‬
                                                                                  ‫الشللية فقط‪ ،‬وأن الأدباء والشعراء الكبار لا‬
            ‫لأنهم –بالطبع‪ -‬لا يؤمنون بها‪.‬‬                                      ‫يشغلهم إلا قتل الصغار ليعيشوا ويكبروا‪ ،‬وأن‬
‫لا ينكر سيد قطب –شك ًل‪ -‬حق الفرد في‬                                            ‫الجوائز ت َو َّزع بالعلاقات فقط‪ ..‬إلخ هذا التصور‬
‫أن يؤمن أو لا يؤمن امتثا ًل لآية «من شاء‬                                        ‫الذي يؤدي إلى تراكم المرارات‪ ،‬ثم إلى التطرف‬
                                                                               ‫غالبًا‪ ،‬ليس بالضرورة التطرف الديني‪ ،‬ففي كل‬
‫فليؤمن ومن شاء فليكفر» (الكهف‪ ،)29 :‬لكن‬                                          ‫الأوساط متطرفون‪ ،‬لكن حين يذهب المتطرف‬
                                                                               ‫إلى الشأن الديني سيجد حاضنة مهيَّأة وترحيبًا‬
‫هذا مشروط ‪-‬في نظريته‪ -‬بتطبيق ما يعتقد‬                                            ‫كبي ًرا وتضخي ًما هو ما كان ينقصه‪ ،‬وهذا هو‬
‫أنه قواعد الدولة الإسلامية أو ًل‪ ،‬لكي ُتزال‬
‫الغمامة من على عين الفرد ليكون اختياره‬                                                      ‫ما حدث بالضبط مع سيد قطب‪.‬‬
                                                                               ‫اللافت في منهج سيد قطب ‪-‬وكل «التكفيريين»‬
‫مبنيًّا على معرفة بهذه الدولة‪ ،‬ونات ًجا عن‬                                      ‫الذين جاءوا بعده متأثرين بمنهجه‪ ،-‬انشغاله‬
‫رؤيته –وتمتعه‪ -‬بحسناتها! هذه النظرة تقابلها‬                                     ‫بأسلمة المسلمين‪ ،‬أو َم ْن (ي َّدعون أو يعتقدون)‬
                                                                               ‫أنهم مسلمون –في رأيه طب ًعا‪ -‬أكثر من انشغاله‬
‫مشكلتان‪ :‬الأولى أنها تعارض نص الحديث‬                                            ‫بهداية الذين لم يدخلوا الإسلام أص ًل! فالمسلم‬

‫الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم عن ابن‬                                             ‫الذي لا يسلِّ ْم له قيا َده –أو لشبيهه‪ ،‬باعتباره‬
‫عمر أن النبي قال‪« :‬أُمر ُت أن أُقاتل النا َس حتى‬                                   ‫وباعتبارهم وكلاء الله والمتحدثين باسمه‪-‬‬
‫يشهدوا أن لا إله إلا الله وأ َّن محم ًدا رسول‬                                  ‫ليسوا مسلمين وإن قالوا –صادقين‪ -‬ألا إله إلا‬
‫الله‪ ،‬و ُيقيموا الصلاة‪ ،‬و ُيؤتوا الزكاة‪ ،‬فإذا فعلوا‬                              ‫الله وأن مح َّم ًدا رسول الله‪ ،‬بل هم عنده أشد‬
‫ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بح ِّق‬                                       ‫خط ًرا من الكفار الذين هم صرحاء مع أنفسهم‪،‬‬

‫الإسلام‪ ،‬وحسابهم على الله تعالى»‪ ..‬ونص‬

‫الحديث الوارد في صحيح أبي داود وصححه‬

‫الألباني عن أسامة بن زيد‪ :‬أن النبي قال له‬
‫(حين قتل رج ًل نطق الشهادتين)‪« :‬من لك بلا‬

‫إله إلا الله يوم القيامة؟ فقلت‪ :‬يا رسول الله‪،‬‬

‫إنما قالها مخافة السلاح‪ .‬قال‪ :‬أفلا شققت عن‬

‫قلبه حتى تعلم من أجل ذلك قالها أم لا؟ من لك‬

‫بلا إله إلا الله يوم القيامة؟ فما زال يقولها حتى‬

            ‫وددت أني لم أسلم إلا يومئذ»‪.‬‬
‫والثانية أن ثمة جد ًل حول «الارتداد» بعد هذا‬
   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12