Page 192 - merit 46 oct 2022
P. 192

‫العـدد ‪46‬‬                              ‫‪190‬‬

                              ‫أكتوبر ‪٢٠٢2‬‬                          ‫من ضواحي جنيف‪ ،‬ولا‬
                                                                ‫يزال بينها قائ ًما إلي الآن في‬
            ‫الإخاء المساواة‪.‬‬      ‫في الأعمال العامة‪ .‬ولما لم‬     ‫كوبيه‪ .‬وكانت هذه الكاتبة‬
 ‫ولا يحسن بنا في هذا المقام‬    ‫يكن في استطاعتها الوصول‬          ‫العظيمة من مبتكري الأفكار‬
‫أن نغفل ذکر سان سيمون‪،‬‬          ‫إلى هذه الغاية إلا باسترداد‬     ‫الحديثة في السياسة والأدب‬
                                                                ‫والأخلاق التي كانت أسا ًسا‬
     ‫الذي وصل التحمس به‬           ‫حقوقها المهضومة‪ ،‬هبت‬
     ‫وبشيمته في الدفاع عن‬         ‫تطالب بحريتها وحقوقها‬                      ‫(للرومنتزم)‪.‬‬
  ‫حق المرأة لدرجة التطرف‪،‬‬                                         ‫ظهرت أولئك السيدات في‬
   ‫وتغالوا فيه إلى أن جعلوه‬        ‫السياسية والاجتماعية‪،‬‬          ‫ظروف خاصة‪ ،‬مدفوعات‬
  ‫عقيدة دينية‪ ،‬فكان إنجيلهم‬           ‫قوبلت وثبتها باللوم‬       ‫بعوامل خاصة فكن‪ ‬يعتبرن‬
    ‫يقول‪« :‬أعتقد قرب تطور‬                                      ‫من الرجال‪ ،‬كخوارق الطبيعة‬
    ‫النوع البشري بالمساواة‬     ‫والسخرية‪ ،‬فلم يثن ذلك من‬         ‫ومعجزاتها‪ ،‬إذ كن كالأنجم‬
  ‫بين الرجل والمرأة‪ ..‬وأوقن‬      ‫عزمها‪ ،‬بل ظلت في مطالبة‬
     ‫أن ستأتي امرأة تحدث‬                                            ‫الزهر تخترق أضواؤها‬
   ‫هذا التطور الذي كلفها به‬   ‫أدت إلي مناضلة كادت تكون‬               ‫الآفاق الملبدة بالغيوم‪،‬‬
 ‫الأب»‪ ،‬وكانوا ينشرون بين‬       ‫حر ًبا عوا ًنا على الرجل لولا‬        ‫يبزغن في أوقات الفتن‬
‫العامة أنه لا بد أن يأتي دور‬                                   ‫والاضطرابات عندما تضعف‬
   ‫الأم ليتمم ما قام به الأب‬              ‫خضوعه للحق‪.‬‬            ‫همم الرجال وتنفد حيلهم‪.‬‬
  ‫لتخليص الإنسانية المعذبة‪.‬‬           ‫سادتي وسيداتي‪..‬‬          ‫وكان الرجال إذ ذاك لا يرون‬
  ‫وقد روى أحد خلفاء سان‬            ‫إن أول صوت ارتفع في‬             ‫بأ ًسا لظهورهن بجانبهم‬
  ‫سيمون أن آخر ما نطق به‬       ‫المطالبة بالمساواة بين الرجل‬
  ‫رئيسهم وهو يحتضر كان‬          ‫والمرأة دوى في البلاد التي‬                    ‫وقت الخطر‪.‬‬
     ‫الجملة الآتية‪« :‬الإنسان‬   ‫أنجبت چان دارد وشارلوت‬              ‫كل هذه الأعمال الجليلة‪،‬‬
‫الاجتماعي هو الرجل والمرأة‬        ‫کورديه ومدام دوستال‬             ‫وتلك التضحيات المتعددة‪،‬‬
                                ‫إبان الثورة الفرنسية سنة‬           ‫التي قامت بها النساء لم‬
                     ‫م ًعا»‪.‬‬  ‫‪ ،۱۷۸۹‬ولم يكن هذا الصوت‬
  ‫وبعد موت هذا الفيلسوف‪،‬‬          ‫صرخة في واد‪ ،‬بل تردد‬               ‫تلطف من سوء تقدير‬
   ‫قامت شيعته بنشر مبدئه‬            ‫صداه في أنحاء أوروبا‬         ‫الرجل لكفاءة المرأة وحسن‬
   ‫وجاهدت في سبيل تأييده‬      ‫واجتاز البحار‪ ،‬فهيأ الأذهان‬
   ‫زمنًا طوي ًل نالهم فيه من‬       ‫ونبه الأفكار‪ .‬وكان من‬            ‫استعدادها‪ ،‬بل حلت به‬
  ‫أنواع الاضطهاد وضروب‬          ‫أكبر أنصار المرأة الفرنسية‬     ‫أنانيته‪ ‬إلي إنكار كفاءتها‪ ،‬فإذا‬
                                ‫في بدء نهضتها الفيلسوف‬         ‫ناقضه الواقع‪ ،‬آثر أن يرفعها‬
     ‫الأذى ما يطول شرحه‪.‬‬          ‫الاجتماعي الكبير أنطوان‬      ‫فوق مستوي البشرية عن أن‬
   ‫ولما ضاقت بهم السبل في‬          ‫نيقولا كوندرسيه‪ ،‬الذي‬
  ‫بلادهم وأقيمت العقبات في‬        ‫نشر کتا ًبا في موضوع‬           ‫يضعها في مستواه‪ ،‬فقدس‬
  ‫طرق دعوتهم؛ هاجروا إلى‬           ‫منح النساء الحق المدني‬         ‫بعض هؤلاء النساء فرا ًرا‬
    ‫الشرق أفوا ًجا‪ ،‬معتقدين‬    ‫واحتج فيه على عدم احترام‬          ‫من الاعتراف لهن بالكفاءة‬
   ‫أنهم سيجدون الأم المنقذة‬        ‫مبدأ المساواة وقال‪« :‬إن‬
    ‫كما ظهر في الشرق الأب‬         ‫هذا المبدأ لن يتحقق طالما‬                       ‫الفطرية‪.‬‬
‫المنقذ‪ .‬فتألفت جماعة من هذه‬     ‫لا يشترك نصف البشر في‬                ‫ولكن كان لتكرار هذه‬
   ‫الطائفة بمدينة ليون سنة‬                                          ‫الحوادث أثره في نفسية‬
   ‫‪ ،۱۸۳۳‬وكانت مكونة من‬                  ‫وضع‪ ‬التشريع»‪.‬‬         ‫المرأة وكرامتها‪ ،‬فأخذت تفكر‬
  ‫أساتذة في الطب والهندسة‬       ‫وكذلك كانت السيدة أولمب‬          ‫في الوسائل التي ترفع من‬
                               ‫دوجوز تطالب بحقوق المرأة‬          ‫قدرها وقيمها‪ ،‬فوجدتها في‬
                               ‫باسم المبدأ الذي قامت عليه‬        ‫الاشتراك الفعلي مع الرجل‬

                                  ‫الثورة الفرنسية‪ :‬الحرية‬
   187   188   189   190   191   192   193   194   195   196   197