Page 299 - merit 46 oct 2022
P. 299
297 ثقافات وفنون
كتب
الحداثة. لينا هويان الحسن إلى محمود باشا .كلما وجدت
يحضر التاريخ في الرواية في الفرصة تذهب في حكاياتها
وهي تقنية سردية يلجأ إليها
بعض المقاطع ،حين تحاول الكاتب لتوسيع جغرافيا السرد، لناسلي عن كل ما حدث معها
الروائية رسم بعض المعالم وكسر الرتابة النمطية للحكي. طيلة حياتها ،منذ أن كانت في
التاريخية والدينية في دمشق بلدها ،وصو ًل إلى عيشها في
وإسطنبول ،كالجامع الأموي، إذ نجد على سبيل المثال بعض المباغي وعملها كخادمة تشرف
وفي حديثها عن قصة بناء الجامع الاستشهادات لأشعار الصوفية
السليمي الذي يضم رفات إمام كابن عربي وجلال الدين الرومي. على طلبات تجار الأجساد
المتصوفة ابن عربي ،إضافة وبائعات الهوى ،إلى أن جيء بها
إلى إشارتها إلى بعض البناءات الانزياح عن الحدث إلى الحرملك السلطاني .الخادمة
المعمارية التي تؤكد على حضارة التاريخي الواقعي ،ومن الزنجية بحري تعبد ربة واحدة
الشام والحضارة العثمانية. وتسهر على راحتها ورضاها ،وقد
تبقى نهاية بطلة الرواية نسليهان منطلق تخييلي
مجهولة .فقد قام ناظم بيك عملت على إخفاء ربتها الأفعى
ابن عمها ،غريمها وشريكها حاولت لينا الحسن تصوير حقبة «إيلوللا» وسر عبادتها لها خو ًفا
في الميراث ،باضرام النار في زمنية من تاريخ سوريا ،ظهرت
غرفتها ،وكان قد عثر على من الباشا.
جثتي الخادمتين (آسيا وبحري فيها محاولات لانتفاضة المرأة كانت ناسليهان تحلم بمدينة
الزنجية) وقد ماتتا خن ًقا من ضد السلطة الذكورية ..خلال بلا أسوار .تحاول أن تتنصل
الدخان .أما بنت الباشا المتمردة الجولة التحليلية لرواية «بنت
نسليهان فلم يعثر لها على أثر. الباشا» التي عبرت فيها الروائية من الماضي ،وترفض كل
وظلت التكهنات تحوم حول شيء يربطها بالقديم ،وتراه
اختفائها من القصر السلطاني. عن موقف المرأة عمو ًما من أساس التخلف والرجعية ،فهو
ربما تدخلت الكائنات اللامرئية التجاوزات والممارسات القهرية بالنسبة لها نقيض الحداثة..
التي ظلت تؤمن بها ،وحملتها إلى التي تفرضها الأنظمة المؤسساتية أطلقت نسليهان العنان لرغباتها
عالم آخر بعي ًدا عن أسوار القصر وشهواتها في ممارسة الحياة
عليها .صورت شك ًل من والجنس .وبعد وفاة والدها
السلطاني. أشكال حركة التحرر النسائي، محمود باشا رأت أنها غير مطالبة
«بنت الباشا» رواية مدهشة بالوفاء والولاء لأي أحد كان.
ومستفزة ،تؤكد على قدرة سردية التي تقودها بعض الداعيات تعلمت العزف على البيانو على يد
عالية تفردت بها الروائية ،مكنتها للانتفاضة على كل الأطر (الدينية الروسية ناستيا .زارت العديد من
من رسم جغرافيا النص ،ومنحه الكنائس والكاتدرائيات ،ضاجعت
خاصية فنية مميزة .من خلال والاجتماعية والسياسية) باسم اليهودي يوسف واتخدته عشي ًقا،
«بنت الباشا» تؤكد الروائية لينا ومارست كل ما يحلو لها على
هويان الحسن على أن ما يجمع طريقتها الخاصة ،وشعارها في
الأمم هو إنسانية الإنسان ،وتدعو ذلك «من يخاف من الموت لا
إلى ضرورة العيش المشترك بين يولد أب ًدا .الموت للموتى والحياة
للأحياء» .عبرت عن مطالبها في
شعوب الأرض المؤتمر المنعقد في جامعة دمشق،
ودعت من خلاله إلى ضرورة
تعديل قوانين الطلاق ،ومحاربة
الجهل ونزع الحجاب.
الرواية تتضمن مشاهد بانورامية،