Page 296 - merit 46 oct 2022
P. 296

‫تحية العلم‬                                 ‫العـدد ‪46‬‬                           ‫‪294‬‬
       ‫في باحات المدارس الباردة‬
                                                                               ‫أكتوبر ‪٢٠٢2‬‬                    ‫يشتد الضغط‬
                   ‫سكون مطبق‬                                                                                ‫تختفي الأصابع‬
               ‫عدا صوت المذياع‬                     ‫محمد الماغوط‬                                    ‫كما لو تب َّد َدت داخل مثلَّ ٍث‬
     ‫ينفث نشيده الحماسي بغير‬                                                                      ‫أش َّد غراب ًة من لغز برمودا‬
                                                 ‫آخر يحسب لصالحها‪:‬‬                          ‫يسكن البح ُر‪ ،‬تطفو أمواج الأنامل‬
                       ‫انسجام‬               ‫لكن ما إن أتناول القلم وأبدأ‬
             ‫أما دردشات المساء‬                                                                                   ‫فوق النهر‬
            ‫المعبأة بالـ»هههههه»‬                              ‫بتحريكه‬                         ‫وتغفو في أحضان النبع المنهمر‬
                                       ‫كما يح ِّرك قا ُئد الأوركسترا عصاه‬                    ‫ترى سوزان برنارد أن القصيدة‬
                 ‫والـ»موااااااه»‪..‬‬                                                          ‫الفوضوية تتمرد على كل القوانين‬
      ‫والمننتهية بأيقونات القلوب‬                 ‫حتى تنتفض من جديد‬                            ‫لتتجه كلية نحو الأشكال الأكثر‬
                                                ‫وتصطف بترتيب مذهل‬                            ‫فوضوية‪ ،‬والأقل قياسية‪ ،‬وبذلك‬
                        ‫الحمراء‬          ‫تتشابك أيادي الباء والتاء والثاء‬                   ‫يقطع الشعر أي علاقة له بوظيفة‬
       ‫المتساقطة من أفواه القطط‬                ‫مع حروف قبلها وبعدها‬                            ‫الاتصال بين الشاعر والقارئ‬
                                                 ‫متراصة على حبل دبكة‬                         ‫ليصبح آلة جهنمية يرفعها الفرد‬
                       ‫والكلاب‬             ‫وتقول في نص (خواء الروح‪،‬‬
‫وللقفلة في نصوص لمى الحسنية‪،‬‬                 ‫الصفحة ‪ )90‬في إشارة إلى‬                              ‫ضد الكون والثقافة والعقل‬
                                                                                               ‫وآلياته من أجل بناء عالم آخر‬
      ‫حكاية دهشة أخرى تختزل‬                        ‫التماهي مع الحرف‪:‬‬
     ‫كل معاني الوحدة العضوية‬               ‫بين حرف كافك وكسرته أجد‬                                   ‫أكثر بريقا وأشد صفاء‪.‬‬
                                                                                            ‫إن نفي الزمان والمكان وما يرتبط‬
           ‫واللازمنية والتكثيف‪.‬‬                                   ‫ألقي‬
    ‫تقول في ختام نص (العشاق‪،‬‬                  ‫تحت الفتحة المترنحة طر ًبا‬                        ‫بهما من مفاهيم منطقية ينتج‬
                                                                                               ‫عنه بالضرورة هدم الأسلوب‬
                   ‫صفحة ‪:)60‬‬                              ‫أعلى كلماتك‬                       ‫والترتيب الفني وتسلسل الأفكار‬
              ‫و ُتصلب العشيقات‬                           ‫أبتغي نشوتي‬                          ‫وترابطها لتمنح الأولوية للكلمة‬
             ‫على أ ِس َّرة ال َّشهوات‬      ‫أقف عند سكون آخر حروف‬                              ‫بشكل عام‪ ،‬وللاسم منها شكل‬
        ‫يتل َّو ْين على َجمر الهجران‬                     ‫لأجد سكينتي‬                            ‫خاص‪ ،‬لأنه دلالة على الشيء‬
                                          ‫وتوظف الشاعرة مخزونها عن‬                            ‫وإيحاء له في جوهره اللازمني‪.‬‬
               ‫و ُحر َقة الأشجان‬         ‫الحياة الواقعية في خدمة النص‪:‬‬                         ‫في كتابات أدونيس‪ :‬إن مفاهيم‬
   ‫هناك على حافة سرير َيح َترفن‬             ‫تقول في نص (رفيقك الدائم‪،‬‬                       ‫الرؤيا والحدس والتخييل والبحث‬
                                                                                               ‫عن الخفي والمجهول والكشف‬
              ‫ال َّشوق‪ ..‬والانتظار‬                         ‫صفحة ‪)85‬‬                             ‫ونشدان المطلق‪ ،‬كلها مفاهيم‬
       ‫أخي ًرا‪ :‬فقد كنا في جولة في‬     ‫أصبحنا نتبادل تحية الصباح كما‬
 ‫فضاء إبداعي رحب‪ُ ،‬ينبي بنضج‬                                                                     ‫ترتبط بالقصيدة الإشراقية‪،‬‬
       ‫التجربة وامتلاك الأدوات‪،‬‬                                                                 ‫بل إن قصيدة النثر كما يراها‬
      ‫ويضعنا أمام خيار الاعتداد‬                                                             ‫أدونيس تبنى خارج سلطة العقل‬
 ‫بالتجربة العربية في كتابة النص‬                                                             ‫ورقابة الوعي‪ ،‬وذلك قصد النفاذ‬
 ‫النثري‪ ،‬ويعيدنا إلى قول الماغوط‪:‬‬                                                            ‫إلى الدواخل وعيش حالة إشراق‬
   ‫«قد يكون التطرف في الانحناء‬
‫أمام عظمة التراث الغربي‪ ،‬والتهام‬                                                                      ‫بالاعتماد على التلقائية‪.‬‬
     ‫ما جاد ويجود به‪ ،‬ومقارنته‬                                                                ‫في نص (رقصة الإلهام‪ ،‬صفحة‬
 ‫صدفة واعتبا ًطا بالتراث العربي؛‬
    ‫هو السبب المباشر لهذا الخلل‬                                                                ‫‪ )77‬تقول لمى الحسنية‪ ،‬وهي‬
     ‫الواضح في مقاييسنا الفنية‪،‬‬                                                                 ‫تحاول وصف طقوس الكتابة‬
                                                                                             ‫لديها‪ ،‬بمعنى مختلف وتوصيف‬
           ‫وحكمنا على الأشياء»‬
   291   292   293   294   295   296   297   298   299   300