Page 291 - merit 46 oct 2022
P. 291

‫‪289‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫مسرح‬

      ‫قسطنطين ستانيسلافسكي‬                    ‫روبرت أدموند‬                  ‫متأم ًل ناق ًدا يسعى للتغيير لا‬
                                                                         ‫للتطهير‪ ،‬والذي اعتبره «بريخت»‬
 ‫إلا من خلال التطهير‪ ،‬وفي المقابل‬        ‫السيكودراما‬                    ‫تطهي ًرا المشاهد من الفعل الثوري‪،‬‬
   ‫يصبح بريخت بكسره للحاجز‬                                               ‫ولهذا أصر «بريخت» على إشراك‬
                                     ‫ما بين أرسطو وبريخت تاريخ‬
‫الرابع وإشراك المتفرج في العرض‬          ‫مسرحي طويل شهد ظهور‬                 ‫المتفرج في عروضه المسرحية؛‬
‫المسرحي معب ًرا ‪-‬بشكل مجازي‪-‬‬                                                ‫فهذا المشاهد الذي كان سلبيًّا‬
‫عن المسترشد المستبصر بحالته في‬        ‫مدارس واختفاء أخرى‪ ،‬ولكن‬
 ‫علم النفس؛ أي المسترشد الراغب‬       ‫أغلب الحركات المسرحية كانت‬               ‫طوال الوقت أصبح إيجابيًّا‬
                                      ‫تناسب زمكانها‪ ،‬فجميعها ولد‬             ‫واعيًا بما يحدث على الخشبة‬
   ‫في العملية الإرشادية عن وعي؛‬      ‫من رحم الظروف المحيطة بها؛‬           ‫المسرحية‪ ،‬وهذا ما أكده الكاتب‬
 ‫ولكن مع ظهور مسرح المقهورين‬          ‫كمسرح العبث الذي ظهر كرد‬          ‫الفرنسي رولان بارتيه‪ :‬إن مسرح‬
  ‫لمبدعه المخرج البرازيلي أوجست‬      ‫فعل للحرب العالمية وحمل معه‬         ‫بريخت يتجلى فيه علم الرموز أو‬
                                     ‫سؤا ًل مه ًّما (إذا كان هناك الله‬     ‫الأغراض السيميولوجية‪ ،‬وهو‬
  ‫بوال أصبح الأمر مختل ًفا بشكل‬    ‫فلماذا يموت كل هؤلاء؟)‪ ..‬استمر‬       ‫مسرح أخلاقي من الدرجة الأولى‪.‬‬
  ‫جذري؛ فكما أحدث «بوال» نقلة‬         ‫مسرح العبث في لا معقوليته‪،‬‬          ‫لقد آمن بريخت بضرورة تغيير‬
  ‫نوعية في تاريخ المسرح بإشرك‬      ‫واستمر المسرح الأرسطي يتطور‬            ‫المجتمع؛ فكانت الدراما بالنسبة‬
                                                                            ‫له نق ًدا للحياة‪ ،‬ولذلك لم يقدم‬
      ‫المتفرج بالتمثيل في عروضه‬        ‫من جيل لآخر ويتشكل وفق‬              ‫حلو ًل بل كان مسرحه توعو ًّيا‪،‬‬
    ‫المسرحية التي ناقشت قضايا‬          ‫المتغيرات المجتمعية‪ ،‬لكنه ظل‬       ‫وهذا ما أكده فرانك هواتينج في‬
   ‫المقهورين ودفعتهم إلى التغيير‬    ‫محاف ًظا على الإيهام‪ ،‬وكأنه يعبر‬     ‫كتابه مدخل إلى الفنون المسرحية‬
   ‫بالثورة ضد القاهر؛ مما خفف‬       ‫‪-‬بشكل مجازي‪ -‬في علم النفس‬             ‫حيث قال‪ :‬فكان مسرح بريخت‬
  ‫عنهم الضغط النفسي؛ قام أي ًضا‬        ‫عن المسترشد غير المستبصر‬             ‫يدعو إلى العقل والعاطفة وإلى‬
  ‫بعمل بنقلة نوعية مماثلة تمثلت‬    ‫بحالته الغارق في مشاكله التي لا‬         ‫العرض المباشر لا الإيهام‪ .‬لقد‬
‫في ابتكاره تقنية شرطي في الرأس‬       ‫يستطيع التنفيث الانفعالي عنها‬        ‫اعتبر بريخت المسرح الأرسطي‬
  ‫بقوس قزح الرغبة إحدى صيغه‬                                                 ‫ليس سوى تنويم مغناطيسي‬
                                                                          ‫يعمل على إذهاب العقل؛ ويقصد‬
                                                                          ‫بالطبع عقل المتفرج‪ ،‬فهو يقول‪:‬‬
                                                                        ‫إن عالم الاجتماع يعرف أنه هناك‬
                                                                           ‫وضعيات لا ينفع تقويمها بين‬
                                                                        ‫علامتي جيد ورديء؛ بل يقع بين‬
                                                                           ‫علامتي صحيح وغير صحيح‪.‬‬
                                                                            ‫ولذلك اهتم «بريخت» بالواقع‬
                                                                          ‫وبفحصه‪ ،‬وهو ما أكده بريخت‬
                                                                           ‫نفسه‪ :‬إن الأشياء كما تبدو لنا‬
                                                                        ‫الآن تخفي في داخلها أشياء أخرى‬
                                                                            ‫تنتمي إلى الماضي‪ ،‬وفي الوقت‬
                                                                            ‫نفسه الذي تظل فيه مناقضة‬
                                                                              ‫لوضعها الحالي‪ .‬الذي غيره‬

                                                                                               ‫بريخت‪.‬‬
   286   287   288   289   290   291   292   293   294   295   296