Page 288 - merit 46 oct 2022
P. 288
العـدد 46 286
أكتوبر ٢٠٢2
ُيعد «تسبيس» أبو التراجيديا أول مسرحية ،ولكن تخبرنا الكثير هذه النظرة الأسطورية ق َّدم لها
الإغريقية. من الدراسات أن المسرح بدأ في المؤرخ المسرحي «روبرت أدموند»
مصر القديمة ،ولا أدل على ذلك
لنا ان نعرف أن بداية نشأة من قول أفلاطون ،والذي بعد وص ًفا تخيليًّا عن نشأة المسرح،
الدراما كانت في الشعر دراسته للعلوم والفنون بمصر متصو ًرا ما كان يجري في العصر
القديمة قال :ما من علم تعلمناه الحجري ،عصر الكهوف ،وتحدي ًدا
الهوميرى( )3المأخوذ من التراتيل إلا في مصر( .)2ومثلما لا يختلف
والأناشيد ومن أسطورة إيزيس اثنان على صحة هذه المقولة لا وقت الليل؛ حيث جلس زعيم
وأوزوريس الفرعونية ،وملحمة يختلفان أي ًضا على أن المسرح القبيلة ،ليصف لهم كيف قتل
جلجامش البابلية( .)4ويعود أصل تبلور واتضح وتشكل وبرز أس ًدا؛ فيثب واق ًفا ويحكي لهم
الكلمة إلى الفعل اليوناني دران بشكل جلي عند الإغريق (اليونان كيف هجم على الأسد وصرعه.
drainوتعني فع ًل أو عم ًل يؤدى، القديم) ..ورغم أننا لا نعرف
بدقة متى ُكتبت أول مسرحية، ومع صوت قرع الطبول،
وبالتالي؛ فالملحمة هي النواة لكن التاريخ يخبرنا بأن تاريخ وبالاستعانة بضوء لهيب النار،
الأولى للمأساة «التراجيدية»، المسرح يعود إلى أربعة آلاف عام ومع حماسة المتحدث؛ استطاع
والملحمة هي محاكاة عن طريق قبل الميلاد ،وجميعنا يعرف أن أن ُيظهر ظله على جدار الكهف؛
قصة شعرية يلعب فيها الخيال فانبهر الآخرون ،وتعرفوا على
الدور الأهم ،وموضوعها الأبطال نشأة المسرح تعود إلى ما هو أبعد الخير والشر والقوي والضعيف،
الوطنيين؛ فهي تروي الأحداث من ذلك بكثير ،ولكن ما يعنينا
ولا تقدم أمام النظارة؛ كما يحدث والظالم والمظلوم ،وفي هذه
في المأساة التراجيدية ،وهذا فرق حاليًا هو البداية الحقيقية لنشأة اللحظة ُولدت المسرحية بكل
جوهري بينهما؛ كما أن الملحمة المسرح ،والتي كانت في بلاد عناصرها ،وإن كانت بغير تقنية
يجب أن تتوافر فيها الوحدة التي على الإطلاق ،أي أن الإنسان
توجد في المأساة؛ فتحاكي فع ًل اليونان خلال القرن الخامس قبل البدائي هو الأب الأول للمسرح.
واح ًدا تا ًّما ،وبذلك يتوفر فيها الميلاد .وأول تاريخ مهم يصادفنا تلك الكلمة التي ترتبط في أذهان
الوحدة العضوية التي تحدث عنها الناس باللهو والتسلية والترفية،
أرسطو في كتابه (فن الشعر). هو عام 535قبل الميلاد ،ففي ولكن في حقيقة الأمر يرتبط
وأجزاء الملحمة هي نفس أجزاء ذلك العام شارك «تيسبس» في المسرح بالسحر والمتعة والجمال
المأساة فيما عدا النشيد والمنظر مهرجان الإله ديونيسوس؛ وبذلك والتغيير؛ أي بمحاولة التأثير على
المسرحي؛ ففيها الدراما والحدوتة قوى الطبيعة من خلال قوة إرادة
والقصة والحكاية ،ويجب أن
تكون بسيطة وغير معقدة ،ولا الإنسان الحرة ،وإحالة
ضرر لو كان الفعل فيها مركبا(،)5 الأفكار إلى أشياء؛ تقدم على
وحسب معظم الآراء فإن نشأة خشبة مسرح أمام جمهور
المسرح الفعلية كانت مع عبادة
الإله ديونيسيوس( )6إله الكرم بغرض المشاهدة؛ ليصبح
والخصوبة والنماء والجنس، المسرح بذلك ( ُهنا والآن)،
وذلك لإقامة المسرحيات في أي أن القاعدة الأهم في
أعياده كطقس من طقوس عبادته المسرح هي مكان للعرض
ومكان للمشاهدة وغرض
وكنوع من أنواع الاحتفال به. المشاهدة ،هذا الثالوث هو
أي أن المسرح نشأ فى أحضان
الركيزة الأساسية التي
الدين ،ويظهر ذلك جليًّا فى تميز فن المسرح دون
غيره .نحن لا نعرف على
وجه التحديد متى ُكتبت