Page 7 - merit 46 oct 2022
P. 7
افتتاحية 5
كان آية الله الخميني يعيش في فرنسا وقت حكم أن يحصل على نسخة من إنجلترا ،أو غيرها من
الشاه ،كمعارض سياسي ،وعندما تصاعدت البلدان الأجنبية ،وأن يجد وسيلة لوصولها له،
الثورة في إيران كان الخوميني يقوم بتسجيل وكما نعرف فإن معظم ُكتَّاب الجيل الذي أتحدث
رسائل من منفاه بواسطة أشرطة الكاسيت ،وتولى عنه لا يعرف اللغة الإنجليزية لأنه تخرج من
أتباعه تهريبها إلى الداخل ،وساعدت هذه الرسائل مدارس عبد الناصر الحكومية ،ثم إن المطابع ليس
في تأجيج الوضع الداخلي ضد الشاه ،الذي ما إن لديها وقت كا ٍف ،ولن تنتظر -لمتابعة الموضوع-
هرب حتى عاد الخوميني وأعوانه إلى إيران ،وشيئًا
كي يحصل الكتاب على نسخهم ويقرؤوها.
فشيئًا آل أمر الحكم لهم. لهذه الأسباب كانت الأعمدة تمتلئ بعبارات مثل:
“كما سمعت ،كما عرفت ،كما قرأت ،كما قيل لي”..
إيران ساحة حرب أهلية إلخ ،وأنا لا أتوقف طوي ًل أمام كاتب -أو قارئ-
يصدر حك ًما دون أن يدرس الموضوع ويتأكد من
لكن السنوات الأولى من حكم الملالي لم تكن سهلة، حدوثه ،ويعرف ما وراء المكتوب والرسالة المراد
فما إن انتهى رفقاء الثورة من إقصاء الشاه حتى
استداروا يأكلون بعضهم بع ًضا ،وتحولت إيران إرسالها ..وفي حالتنا هذه كان لا بد أن نربط
في تلك السنوات إلى ساحة حرب أهلية ،ووقعت فتوى الخميني بالوضع السياسي -والديني -في
المجازر بشكل شبه يومي ،واغتيلت شخصيات إيران بعد نجاح الثورة ضد الشاه محمد رضا
سياسية ودينية كثيرة ،وبالطبع كانت لأمريكا يد بهلوي الذي لجأ إلى مصر ،وبعد أن ركبها الملالي،
فيما يحدث ،لأنها كانت تناصر الشاه الذي يؤ ِّمن
واستقرت أخي ًرا في يد آية الله روح الله بن
تدفق البترول الإيراني للغرب بأسعار معقولة، مصطفى بن أحمد الموسوي الخميني ،واحد من
بعدما ساعدت في الخمسينيات في إسقاط ثورة أهم المراجع الدينية في المذهب الشيعي ،وصاحب
الدكتور محمد مصدق ضد الشاه الأب ،حيث كان نظرية «ولاية الفقيه» ،رسالته للدكتوراة التي تأخذ
بها إيران حتى الآن ،وتقضي بأن «الفقيه» ينوب
أعلن تأميم شركات النفط وقتها. عن «الإمام» في غيبته ،فمن المعروف أن الشيعة
رواية «الآيات الشيطانية» كانت المنقذ لآية الله ينتظرون الإمام الغائب الذي له وحده حق الولاية..
روح الله الخوميني في ذلك المشهد الدموي المرعب،
وهذا الاقتتال الإيراني الإيراني ،والانقسام الداخلي ثورة الكاسيت
الكبير ،فقد حدس أن «الغيرة» على الدين ضد من
يريدون به ش ًّرا من شأنها أن توحد الناس خلف الخوميني كان فيلسو ًفا وكاتبًا سياسيًّا كذلك إلى
«القيادة» الغيورة على دينها ،حيث إن «الغيرة على جانب كونه مرج ًعا دينيًّا له أتباع حول العالم،
الدين» هي اللغة التي يفهمها الناس في المنطقة
العربية والشرق الأوسط عمو ًما ،لهذا أخرج فتواه فالمراجع معدودون في المذهب الشيعي ،ولا يصل
لقتل كاتب لم يكن يعرفه أحد ،بسبب رواية لم أحد إلى مرتبة “آية الله» إلا بعد أن يقدم «فت ًحا»
يكن سمع بها أحد ،ورصد مبل ًغا شديد الضخامة
للحصول على رأس رجل لم يكن يعرف أن الدنيا علميًّا دينيًّا ،مثل نظرية ولاية الفقيه بالنسبة
للخوميني ،وللمرجع “شبه دولة” هو رئيسها،
ستقوم من حوله ولن تقعد بهذا الشكل. أو زعيمها الروحي ،له وزراء يسيِّرون الملفات
الكبيرة ،فهو يتلقى تبرعات مالية وعينية ضخمة
الآيات الشيطانية وقصة الغرانيق
من أتباعه ،ويقوم بإعادة توجيهها حسب ما
“الآيات الشيطانية” رواية ليست الأهم بين الإنتاج يرى هو ومساعدوه ،في مساعدة المحتاجين أو في
الأدبي لصاحبها ،بالرغم من أنها سبب شهرته الاستثمارات أو سواهما ..كما أن أتباعه يأتمرون
بأمره وينفذون تعليماته ويأخذون عنه فتاواهم
وتوجيهاتهم.