Page 12 - merit 46 oct 2022
P. 12
العـدد 46 10
أكتوبر ٢٠٢2
للأدب .وبالمثل رجال الدين الذين استدعتهم المحكمة جنسي ،فانصرف إلى الكتابة والتأليف لتعويض
للشهادة وقفوا إلى جانب الكتاب على رغم إلحاد فشله في علاقته الحميمية مع زوجته الليدي
مؤلفه ،إ ْذ قال الأسقف وولويتج في شهادته« :إن
تشاترلي ،وهي فتاة نضرة في أوج شبابها وأنوثتها،
لورانس يص ِّور في أدبه قداسة العلاقات الجنسية لكن ضاقت ذر ًعا به ،وتصادف أن التقت بالحارس
بين الرجل والمرأة» .وقد تكرر أمر المصادرة والمنع
في بريطانيا وفرنسا ،ثم في اليابان والصين .وجدير أو البستاني مليورز وهو شاب ،تذهب إليه في
كوخه ،فحرك الشباب الميت في غرفة كلفورد،
بالذكر أ َّن نص محاكمته قد طبع ووزع في عدد ويذهبان مذهبًا جنونيًّا في علاقتهما ،وإن كان
كبير من البلدان. يتح َّول العشق الشبق ُّي إلى عشق روحي بينهما على
رغم الاختلاف الطبقي الشاسع بين العاشقين،
تحت مقصلة القضاء وعلى إثر هذا تقرر الهروب والعيش معه ،بعد أن
في عام 1960بمناسبة مرور ثلاثين عا ًما على وفاة حملت بطفلهما.
مؤلف الرواية لورانس قامت دار بنجوين بالنشر ُطبعت الرواية لأ ّول مرة خارج بريطانيا فى
العلني للرواية مستغلة التغيرات التي حدثت على فلورنسا بإيطاليا عام 1928في طبعة سر َّية ،حيث
لم يجد لورانس ناش ًرا في بريطانيا ينشر الرواية
قانون المطبوعات البريطاني ،لكن ما إن ظهرت بسبب الإباحيَّة التي َو َص َف بها العلاقة الحميمية
الرواية في الأسواق حتى «هبت النيابة البريطانية بين الليدي تشاترلي وعشيقها (مليورز) حارس
وقامت برفع دعوى قضائية بمصادرتها» ،وكانت ال َّصيد (البستاني) .وت َّم بيع أكثر من 2مليون
عريضة الاتهامات التي قدمها ممثل الإدعاء كالآتي:
«إن الرواية منافية للذوق العام ،وتح ُّض على الفسق نسخة فى السنة الأولى من النشر.
والفجور ،وأخي ًرا تحتوي على ألفاظ عارية وتخدش وفي المرتين؛ الثانية والثالثة طبعها في كل من فرنسا
وإيطاليا من دون تصريح ،وكذلك طبعت في أمريكا
الحياء العام».
على مدار ست جلسات عقدتها محكمة بوستريت من دون استئذانه .وفي عام 1950أصرت دار
بلندن (بدأت الجلسة الأولى من المحاكمة في 20 نشر في الولايات المتحدة على نشرها وحينها احت َّج
أكتوبر ،1960وانتهت في 2نوفمبر 1960ببراءة
الرواية من البذاءة ،وأنها (قد تكون بذيئة في بعض المسؤولون َو ُرفعت قضية في المحكمة ضد دار
أجزائها ،ولكن لا يعني أنها بذيئة ككل) برئاسة النشر.
المستر جريفث جونز كبير مستشاري الخزانة في
الأولدبايلي ،الغريب أن قفص الاتهام كان خاليًا وقد تو َّل محامو الدفاع إثبات أ َّن المشاهد التي
تصف حميمية العلاقة ،إنما تخدم الحدث ولذا لا
تما ًما ،وكان الادعاء يشير إلى المتهم ،وهو دار يمكن تجاهلها ،وما ساعد دار النشر على كسب
بنجوين للطباعة والنشر ،فالمؤلف مات في عام القضية ،هو شهادة عدد من أهم الأدباء وقتها مثل:
ألدوس هكسلي ،والروائي إدوارد فوستر ،وريموند
( 1930أي بعد عامين من نشر الرواية). ويليامز ،وغراهام هو ،والناقدة هيلين غاردنر التي
كان الاتهام حسب ما أورده رئيس الجلسة أن أشادت بالرواية قائلة« :إن تكرار ألفاظ في الرواية
دار نشر بنجوين للطباعة ،طبعت مائتي نسخة يعتبرها المجتمع فاحشة ،يرجع إلى رغبة لورانس
من الكتاب لتوزيعها في الموعد المحدد وهو 25 في تطهيرها من تداعيات الفحش التي ارتبطت بها
أغسطس ،1960غير أنها أرجأت التوزيع حتى
يصدر المحلفون قرارهم فيما إذا كان الكتاب تنطبق من كثرة الاستخدام عبر الأجيال».
عليه من الناحية القانونية الشروط التي تنطبق على كانت ثورة مشاهير الأدب ،لا ليقولوا للقاضي ،إ ْن
الأدب المكشوف ،أم أنه كتاب يجلب النفع العام كانت المشاهد الإباحية في الرواية مناسبة أم لا! بل
ليؤ ِّكدوا أ َّن العمل الذي بين أيديهم من الأدب .فقد
للمجتمع. أعادت الرواية بطريق غير مباشر السؤال القديم:
ما الأدب؟ وقد بدا لهم من الدعاوى أنها محاكمة