Page 166 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 166

‫العـدد ‪28‬‬                              ‫‪164‬‬

                                ‫أبريل ‪٢٠٢1‬‬                             ‫جوزيف صمويل ناي‬

    ‫من العلاقلات بين مصر‬            ‫البحث في الخصوصيات‬             ‫من أوراق المواجهة سوى‬
‫وأفريقيا‪ .‬تكون البداية بتغيير‬    ‫المصرية الأصيلة في النوبة‪،‬‬         ‫القانون الدولي‪ .‬في الوقت‬
‫المدركات السلبية المتبادلة بين‬                                    ‫الذي ترى فيه دول حوض‬
                                      ‫وفي العلاقات الكنسية‬          ‫النيل أن المعركة بالنسبة‬
  ‫الطرفين‪ .‬فبدون ذلك يكون‬        ‫القبطية‪ ،‬وكل خصوصية أو‬          ‫لها هي معركة تحرر وطني‬
  ‫كل شيء وهميًّا‪ ،‬ولا يمكن‬       ‫نقاط تلاقى مشتركة تشكل‬              ‫ضد «رجل حوض النيل‬
                                                                     ‫الأبيض المريض»(‪ .)15‬في‬
    ‫تفعيل العلاقات المصرية‬          ‫جس ًرا للتواصل المصري‬        ‫الوقت الذي تمكنت فيه هذه‬
   ‫الأفريقية‪ .‬فلا بد من فتح‬           ‫مع أفريقيا‪ .‬كما تحتاج‬        ‫الدول من القضاء على كل‬
    ‫آفاق غير محدودة‪ ،‬ويتم‬                                        ‫النظم العنصرية في الجنوب‬
 ‫تبادل المساعدات الفنية فيما‬      ‫مصر لبناء سياسة ما بعد‬        ‫(روديسيا‪ ،‬ناميبيا‪ ،‬موزمبيق‪،‬‬
 ‫بينها‪ .‬بمعنى آخر‪ ،‬لا بد من‬        ‫العزلة‪ ،‬وألا ترتكن لتاريخ‬     ‫جنوب أفريقيا‪ ،‬أنجولا) رغم‬
  ‫ارتباط أخوي يضم الطرف‬
‫الأفريقي من ناحية والمصري‬           ‫لا يتواصل بفعل وتأكيد‬                     ‫الفقر والجهل‪.‬‬
    ‫من ناحية أخرى‪ .‬وبذلك‬               ‫لهويتها الأفريقية(‪.)16‬‬   ‫لا تستطع مصر الوصول إلى‬
  ‫تكون العلاقات على أساس‬              ‫يعتمد نجاح أى تحرك‬        ‫دول حوض النيل برفع هوية‬
   ‫الصداقة بد ًل من الكراهية‬
                                   ‫مصري تجاه دول حوض‬               ‫عربية وإسلامية‪ ،‬أو بعدم‬
       ‫والريبة‪ ،‬وعلى أساس‬               ‫النيل على قوة مصر‬        ‫إدراك الهوية الأفريقية‪ ،‬لأن‬
  ‫المساواة والاحترام المتبادل‬                                     ‫الأفارقة محملين بمدركات‬
   ‫بد ًل من سيطرة المدركات‬      ‫النسبية ‪-‬بعناصرها الصلبة‬          ‫سلبية لما هو عربي‪ ،‬فض ًل‬
‫السلبية المتبادلة بين الطرفين‬       ‫والناعمة‪ ،-‬وقدرتها على‬
                                     ‫التأثير على هذه الدول‪،‬‬           ‫عن أن العديد من دول‬
      ‫المصري والأفريقي(‪.)18‬‬                                     ‫حوض النيل لا يدين سكانها‬
  ‫ويمكن القول إنه‪ ،‬إذا كان‬       ‫نظ ًرا لأن التفاعلات المتعلقة‬
                                   ‫بمياة النيل تدخل فى إطار‬        ‫به‪ .‬من المهم إعادة صياغة‬
    ‫الإمبراطور هيلاسلاسى‬         ‫السياسات المائية‪ ،‬ولما كانت‬        ‫ذلك الخطاب الاستعلائي‬
 ‫بادر بإعادة الطابع الأفريقي‬       ‫السياسات المائية ‪-‬شأنها‬        ‫في ضوء التأكيد على الهوية‬
‫لأثيوبيا‪ ،‬وإذا كان جمال عبد‬     ‫شأن أية سياسة‪ -‬تعتمد على‬          ‫الأفريقية لمصر‪ ،‬فض ًل عن‬
                                 ‫علاقات القوة بين الأطراف‬
  ‫الناصر دشن إعادة الطابع‬         ‫المعنية‪ .‬وبالتالى‪ ،‬فإن نجاح‬
  ‫الأفريقي لمصر‪ ،‬فإن الآمال‬
   ‫لا تزال قائمة بشأن إعادة‬          ‫أى تحرك مصري تجاه‬
 ‫إحياء الهوية الأفريقية لمصر‬         ‫دول منابع النيل يتطلب‬
                                    ‫تعزيز وتوظيف عناصر‬
    ‫لتعزيز العلاقات المصرية‬       ‫وأدوات القوة المتاحة لمصر‬
     ‫الأفريقية‪ .‬وهو أمر مهم‬     ‫والتنسيق بينها‪ ،‬سواء كانت‬
‫للغاية في إمكانياته التاريخية‪،‬‬    ‫عناصر وأدوات قانونية أو‬
    ‫وذلك بالربط بين اللغات‬       ‫دبلوماسية أو اقتصادية أو‬
‫والأديان والهويات والتاريخ‪،‬‬     ‫إعلامية أو ثقافية أو أمنية أو‬
‫في اندماج تاريخي بين مصر‬         ‫عسكرية(‪ ،)17‬وتطرح مسألة‬
     ‫وأفريقيا في إطار النظام‬    ‫الهوية الأفريقية لمصر نفسها‬
                                ‫كإحدى أدوات القوة بمعناها‬
           ‫العالمي الجديد(‪)19‬‬
                                                    ‫الثقافي‪.‬‬
                                      ‫تقتضي مصالح مصر‬
                                 ‫المصيرية بداية جديدة تما ًما‬
                                 ‫مع أفريقيا‪ ،‬وإلى نوع جديد‬
   161   162   163   164   165   166   167   168   169   170   171