Page 162 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 162

‫العـدد ‪28‬‬                            ‫‪160‬‬

                                 ‫أبريل ‪٢٠٢1‬‬                         ‫من المؤيدين الذين سموا‬
                                                                       ‫أنفسهم ‪.)5(Diopian‬‬
 ‫الدولة الواحدة في سياستها‬            ‫لغوية أو فلسفية بل من‬
  ‫الخارجية‪ .‬ويلاحظ أن هذا‬         ‫علم النفس الاجتماعي‪ ،‬مثل‬      ‫تساعد هوية مصر الأفريقية‬
 ‫التأثير يتوقف بدرجة كبيرة‬       ‫الهوية الأوروبية ضد الهوية‬       ‫‪-‬كإحدى الأدوات الرمزية‬
                                 ‫التركية‪ ،‬أو الهوية البريطانية‬
     ‫على كيفية إدارة القيادة‬                                    ‫في السياسة الخارجية لمصر‬
     ‫السياسية لهذه العلاقة‪،‬‬          ‫ضد الهوية الأوروبية أو‬         ‫تجاة أفريقيا‪ -‬في تجاوز‬
    ‫ومدى قدرتها على حسن‬           ‫الهوية الأمريكية فى مواجهة‬        ‫مشكلات مصر مع دول‬
     ‫توظيف الهويات المتاحة‬         ‫جماعات أخرى‪ .‬الهوية هنا‬
    ‫بشكل متجانس ومتكامل‬            ‫لا تتغير بشكل سهل إلا إذا‬     ‫حوض النيل‪ ،‬فإلى أي مدى‬
‫لخدمة المصالح الوطنية العليا‬       ‫كان هناك تغير كبير يجعل‬        ‫الاشترك في التاريخ يمكن‬
‫للدولة‪ .‬من ثم؛ فالهوية يمكن‬
  ‫أن تلعب دو ًرا مه ًّما فى دفع‬       ‫الوحدات الفاعلة تنخرط‬          ‫أن يعزز فرص التعاون‬
‫وتعزيز وتنمية العلاقات بين‬          ‫بعلاقات اجتماعية جديدة‬           ‫بين الدول؟ وهنا يمكن‬
                                                                      ‫الاستفادة من مقولات‬
                  ‫الدول(‪.)7‬‬            ‫تسهم في تحديد هوية‬        ‫النظرية البنائية الاجتماعية‬
   ‫ومن المهم هنا الإشارة إلى‬                       ‫جديدة(‪.)6‬‬      ‫في العلاقات الدولية؛ حيث‬
                                                                 ‫يعد مفهوم الهوية ‪identity‬‬
     ‫الحالة المصرية فى نقاط‬         ‫هذا وقد تزايد الدور الذي‬    ‫من المفاهيم المهمة في النظرية‬
                  ‫أساسية‪:‬‬             ‫تلعبه الهوية في علاقات‬        ‫البنائية‪ ،‬ليس فقط لأنها‬
                                                                   ‫تساعد فى تحديد مصلحة‬
      ‫‪ -1‬العلاقة بين الهوية‬      ‫الدول بنهاية الحرب الباردة‪،‬‬     ‫الدولة؛ لكنها أي ًضا لصناعة‬
  ‫الأفريقية لمصر ومصالحها‬               ‫حتى أصبحت محر ًكا‬         ‫السياسة العامة للدولة‪ .‬إذ‬
‫المصيرية فى القارة الأفريقية‪.‬‬                                      ‫تحدد الهوية للدول دو ًرا‬
  ‫‪ -2‬الهوية الأفريقية لمصر‬         ‫لإعادة رسم خريطة العالم‬       ‫فى العلاقات الدولية؛ وبذلك‬
‫تحدد سلوك الدولة المصرية‪،‬‬             ‫السياسية‪ .‬ولكن يلاحظ‬       ‫ستتصرف الدول دو ًما بما‬
                                       ‫وجود ثلاث إشكاليات‬            ‫تراه ملائ ًما لهذا الدور‪.‬‬
     ‫وهي بدورها تتحدد من‬                                           ‫فعلى سبيل المثال؛ أظهرت‬
    ‫خلال التفاعل بين مصر‬          ‫خاصة بفهم تأثير الهوية في‬       ‫مجموعة من الدراسات أن‬
                                   ‫سياسات الدول الخارجية‪،‬‬         ‫الاعتقاد السائد بين الألمان‬
                  ‫وأفريقيا‪.‬‬         ‫تتمثل الإشكالية الأولى فى‬      ‫بعد الحرب العالمية الثانية‬
‫‪ -3‬القدرة على حسن توظيف‬                                             ‫بأوروبية ألمانيا وبأهمية‬
 ‫الهويات المصرية المتعددة في‬          ‫علاقة المصلحة بالهوية‪،‬‬      ‫التكامل الأوروبي أدى إلى‬
                                    ‫ويلاحظ أنهما متداخلتان؛‬     ‫سياسات مختلفة عما سبق‪.‬‬
   ‫السياسة الخارجية بشكل‬             ‫فالهوية تكون فى حالات‬          ‫كذلك اعتقاد البريطانيين‬
   ‫متجانس ومتكامل لخدمة‬            ‫كثيرة هي المحدد الرئيسي‬        ‫وتحديد هويتهم بالعلاقات‬
‫المصالح الوطنية العليا لمصر‪.‬‬         ‫‪-‬إن لم يكن الوحيد‪ -‬فى‬      ‫الأطلسية حدد دور بريطانيا‬
                                     ‫تعريف وتحديد المصالح‬          ‫في العلاقات مع الولايات‬
‫ثانيا‪ :‬الهوية الأفريقية‬          ‫الوطنية العليا للدولة‪ .‬وتتعلق‬   ‫المتحدة الأمريكية‪ ،‬وموقفها‬
   ‫لمصر باعتبارها‬                    ‫الإشكالية الثانية بحدود‬     ‫من الاتحاد الأوروبي يؤكد‬
    ‫ضرورة ملحة‬                                                    ‫هذه الرؤية‪ ..‬ولكن الهوية‬
                                       ‫تعزيز الهوية للعلاقات‬         ‫هنا لا تنطلق من أسس‬
       ‫يحتم الواقع ضرورة‬         ‫التعاونية بين الدول‪ ،‬ويلاحظ‬
   ‫استخدام الهوية الأفريقية‬
‫لمصر‪ ،‬وذلك على النحو الآتي‪:‬‬         ‫أن الدول التي تتشابه مع‬
  ‫‪ -1‬على المستوى الرسمي‪:‬‬             ‫غيرها في إحدى هوياتها‬
   ‫بعد أن كانت اللغة العربية‬       ‫أو أكثر تزداد لديها النزعة‬

                                        ‫للتقارب وللتعاون مع‬
                                 ‫بعضها‪ .‬وتتعلق الثالثة بتأثير‬

                                   ‫حالات تعدد الهويات داخل‬
   157   158   159   160   161   162   163   164   165   166   167