Page 291 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 291
289 ثقافات وفنون
كتب
طرائد لا تنام» ،ولعل هذا الخرق الذي ينتهك منطق الصفاء نقرأ: «السيارة» و»الطائرة»:
ليس جدي ًدا في الشعرية العربية «يتبول كسكير على جراحنا «الجنود الذين يضغطون
القديمة
الحديثة ،وهذا لا يعني خلو على أزرار الطائرة
قصائد «الموت كما لو أنه خردة» فلا نعود قادرين على الإصغاء لترمي البراميل على الأحياء
من أي ربط يصل بين مقاطعه، لصوت لويس أرمسترونغ
بل إن الشاعرة قد رامت انتهاك وهو يغني السكنية
رتابة التجانس الذي يراعي قواعد والحدائق والمشافي؟» ص.23
What a wonderful world وعمو ًما يمكن القول ،إن كل
الربط بين المقاطع والوحدات، ومن قصاصة الورقة التي كتب هذه الأمكنة تشترك في فواجعها
واستبدالها بتواصل من طبيعة ومواجعها ،وتخلع على جسدها
عليها مرة: تراجيديا النهايات ،كما تنتج نو ًعا
نفسية. ورميتها في فوهة المدفأة Ez u tu من الصور التي تتطابق وهذه
وعلى سبيل الختم ،إن قصائد
ديوان «الموت كما لو كان خردة»، همهماتك غير المسموعة التراجيديا.
كلها تعوي الآن» ص.52 كذا هو الموت الذي تصفه وداد
إنجاز إبدعي متميز وجزء يتمثل هذا الانزياح اللساني في نبي في «الموت كما لو كان خردة»
من الإنجاز الشعري للشاعرة دس الشاعرة لمتتاليات أجنبية عالمًا مشو ًشا ومهزو ًزا ،إلا أن
السورية الكردية المقيمة في ألمانيا، «إنجليزية ،تركية» بالمحافظة
يستحق القراءة ،والاهتمام النقدي على طبيعتها اللغوية ،من شأنه الشاعرة توفقت في صياغته
لما فيه من تجديد وابتكار وكفاءة. المساهمة في انفتاح قصائد وداد جماليًّا بالانفتاح على مجموعة
قصائد تشبه كو ًنا شعر ًّيا حاف ًل نبي وتفاعلها لسانيًّا بغاية نكهة من التقنيات ،بهذا نجد قصائد
بالشهادة والاستشهاد ،حيث النص وشعرنته ،منتجة بذلك الديوان حافلة بالانزياح الذي
تعد ًدا لسانيًّا وسننًا جديدة يعني في قواميس اللغة ومناجدها،
الكتابة مأت ًما جنائز ًّيا للعين للتلقي ،عبر منافرة لغوية، نزح الشيء ،ينزح نزو ًحا :أي
والأذن والذاكرة والباطن ،لأن وفارضة بذلك شذو ًذا على المتلقي، ُبعد الشيء عن موقعه ،ونزحنا
الشاعرة عاشت الحرب واحتكت لكنها تهيئ لولادة جمالية شعرية عن الدار بعدنا عنها ،ونزحنا
بتوريط القارئ ومساهمته في
بالموت ،وبذلك انضمت إلى إنتاج معنى للنص الذي لا يعني عن هذا الحي أي بعدنا عنه
نظيراتها من القصائد التي اتخذت سوى اجتثاث الإنسان من جذور وتخلينا عنه ،أما اصطلا ًحا فيعني
أرضه ،ثم تهجيره وتشتيته الانتهاك المعقلن والممنهج لقواعد
من ًحى تراجيد ًّيا الموت ،وهو الاستعمال اللغوي المتواضع عليه
منحى مستمد من هذه الحرب وتمزيق كيانه.
التي أصبحت من فرط تداولها ووعيًا من الشاعرة بممارستها داخل عشيرة لغوية ما.
واستعمالها وقدامتها كما لو أنها من مظاهر هذا الانزياح انتهاك
خردة من كثرة استعمالها المفرط. الشعرية المختلفة عن ديوانها الشاعرة لقدسية اللغة وانسجامها
وقد حرصت الشاعرة على إعطاء الأول ،دفعتها إلى إنتاج نص باعتماد دائرة التدمير واللعب في
مغاير أصبح عبارة عن مقاطع، ممارستها النصية ،عبر تكسير
قصائدها أبعا ًدا فنية ولغوية حيث عمدت في مجموعة من التركيب اللغوي بمعطيات لسانية
ومضمونية مبتكرة ،فض ًل عن قصائدها إلى تركيب كل قصيدة أجنبية بطريقة تندغم فيها دلالة
كثافة هذه القصائد التي منحت من مقاطع متنوعة ،كالقصائد ذات
المقاطع المرقمة كما في «رسائل اللسانين في النص القصصي
شعر وداد نبي رو ًحا محلية اثني عشر غزا ًل قنصهم الحزن»، الواحد ،وهذا من شأنه الإجهاز
ومنفتحة على آفاق إنسانية شاسعة، ثم القصائد المفصولة ببياض كما
هو الحال في قصيدة «الجنود على صفاء اللغة الرسمية التي
علها تدرك قذارة الحرب تعلي من نقاء اللغة وطهارتها،
ومن نماذج هذا اللون اللساني