Page 290 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 290

‫العـدد ‪28‬‬                           ‫‪288‬‬

                                    ‫أبريل ‪٢٠٢1‬‬

   ‫يعينها ويبث في قصائدها روح‬         ‫البري النابت في أحضان الموت‪:‬‬       ‫الذين يقصفون ليل نهار رافعين‬
  ‫الأمل وحالات اليأس‪ ،‬رغم أنف‬           ‫«خمسون زهرة نرجس برية‬                                    ‫شارة‬
  ‫الألم والخوف والحرب والموت‪.‬‬                   ‫مررت بها لأحصيها‬                                ‫النصر‬
  ‫وتتكرر الرغبة في تبديد الحرب‬         ‫برقة الغبار المتناثر في الهواء»‬
   ‫المتسلطة‪ ،‬وما تخلفه من رعب‪:‬‬                             ‫ص‪.50‬‬                         ‫بعد كل مجزرة‬
                                                                                      ‫هل شاهدوا يو ًما‬
                  ‫«أبكي في الليل‬    ‫وكأن تتشبث بذاكرة الأمكنة التي‬        ‫الغروب القرمزي لتلك القرى؟»‬
‫وأستيقظ بابتسامة حارة كشمس‬           ‫غادرتها باستعادة صور مفجعة‬
                                                                                               ‫ص‪.23‬‬
                        ‫أفريقيا‬                   ‫مما يعمق الأسى‪:‬‬       ‫وفي محاولة لتذكير هؤلاء الجنود‬
‫غير مكترثة بالأشياء الرهيبة التي‬               ‫«وراء النافذة القديمة‬
                                        ‫صورتك تراقب تساقط المطر‬           ‫المسخرين بضمائرهم الميتة‪ ،‬لا‬
                    ‫حدثت معي‬                ‫شجرة الزان المبللة تبكي‬       ‫تلبث الشاعرة أن تستبق الزمن‬
       ‫فقط لأنك معي أيها الحب»‬                                           ‫وتبرع في وصف ندمهم عن كل‬
                                                           ‫ولا أحد‬       ‫مجازر الموت التي ساهموا فيها‪:‬‬
                        ‫ص‪.28‬‬          ‫وقد تتشبث بماء بالشعر ملا ًذا‬
    ‫وعلى الرغم من هذه اللحظات‬                                                                  ‫«الجنود‬
   ‫السعيدة التي تخلقها الشاعرة‬           ‫وخلا ًصا من خرائب الموت‪:‬‬              ‫الذين يخوضون الحروب‬
‫ض ًّدا على تراجيديا الحرب والموت‪،‬‬                ‫«ربما يكون الشعر‬
 ‫فريثما تنسل وتحضر تراجيديا‪،‬‬                                                                 ‫بلا ذاكرة‬
    ‫لتحول هذه الطقوس السعيدة‬              ‫تعوي ًضا عاد ًل عن الخراب‬                  ‫هل سكبرون يو ًما‬
   ‫إلى حياة ناصعة بهاجس الموت‬                  ‫الذي سيحل بالأرض‬                ‫يصبحون عجائز وحيدين‬
                                                                                 ‫تسقط منهم دمعة كبير‬
                       ‫وشبحه‪:‬‬            ‫حين يموت الشعراء جمي ًعا»‬                 ‫تدعى الندم» ص‪.24‬‬
   ‫«في غرفتنا الداخلية الصغيرة‪،‬‬                             ‫ص‪.73‬‬             ‫أمام هذه الأشكال من الموت‬
   ‫تطعمها جلودنا‪ ،‬قهرنا‪ ،‬ندوبنا‬                                               ‫المادي الذي يستهدف محو‬
                                         ‫وقد تجد الشاعرة نفسها في‬        ‫الإنسان أو اقتلاعه من جذوره‪،‬‬
              ‫كي لا تؤذينا أكثر‬           ‫مأزق‪ ،‬يتطلب تدخ ًل عاج ًل‬       ‫لا تملك الشاعرة سوى النزوح‬
      ‫ورغم ذلك نستيقظ كل مرة‬           ‫لإنقاذ ما يمكنه إنقاذه‪ ،‬وينجح‬
    ‫وقد نقصت من قلوبنا قطعة»‬           ‫الحب ودعوة الحبيب في تبديد‬                             ‫واللجوء‪:‬‬
                                       ‫هذا التسلط للموت الذي تنتجه‬                 ‫«تركت أرضي وبيتي‬
                        ‫ص‪.68‬‬             ‫الحرب‪ ،‬إذ «لا أحد ينجو من‬                 ‫وحمولة القلب الثقيلة‬
  ‫هذا الموت القذر اجترح له أمكنة‬      ‫قذارة الحرب إلا بالحب»‪ .‬تقول‬        ‫في مكان بعيد تتقاذفه الحروب‬
‫شعرية في أراضي الديوان تتراوح‬           ‫الشاعرة في أحدى حواراتها‪.‬‬
   ‫بين أمكنة خبرت فيها الشاعرة‬                                                           ‫وأمراء السلاح‬
 ‫تفاصيل الموت وأشجانه وأعادت‬                             ‫«هيا تعال‬       ‫والحاكمون بأمر الرب» ص‪.48‬‬
                                        ‫المزيد من القبلات في انتظارك‬
      ‫إخراجها في ورشة مخيلتها‬         ‫قبل أن تذوي الحديقة» ص‪.43‬‬               ‫لكنه نزوح جارح وجريح‪:‬‬
 ‫الخلاقة‪« :‬الرقة‪ ،‬كوباني‪ ،‬البلاد‪،‬‬    ‫هذا المقطع كما هو واضح يشير‬             ‫هربت بقلب جريح ومهجور‬
 ‫مدن الحرب‪ ،‬الغوطة الشرقية‪»..‬‬                                             ‫من كل ماأحببته هناك» ص‪.65‬‬
  ‫وأمكنة قصية يجبر على العيش‬              ‫إلى الحاجة للحب‪ ،‬إذ يتكفل‬     ‫وبالرغم من هاجس الموت المادي‬
                                       ‫الدالين «تعال‪ ،‬المزيد‪ ،‬القبلات»‬     ‫الذي يتراءى من خلال الدوال‬
    ‫فيها بعد الحرمان من العيش‬           ‫بتشكيل حالة غرامية مجنونة‬        ‫والإشارات المحتشدة في قصائد‬
      ‫في المكان الأول «برلين»‪ .‬ثم‬   ‫وبكل ما هو متاح وممكن‪ ،‬قبل أن‬         ‫الديوان «المجزرة‪ ،‬شاهدة قبر‪،‬‬
  ‫أمكنة مفتوحة ومغلقة «الطريق‪،‬‬       ‫يقطع الموت هذا الاندغام‪ ،‬والذي‬      ‫قتيل‪ ،‬الضحايا‪ ،‬الغياب‪ ،‬الحرب‪،‬‬
                                    ‫يشير إليه السطر الأخير «قبل أن‬           ‫القصف» فالشاعرة تتشبث‬
       ‫المدارس‪ ،‬الحدائق‪ ،‬الأحياء‬                                          ‫بالحياة‪ ،‬كأن تحصي النرجس‬
  ‫السكنية‪ ،‬المشافي‪ ،‬البيت‪ ،‬المقبرة‬                  ‫تذوي الحديقة»‪.‬‬
                                      ‫هكذا تجد الشاعرة في الحب ما‬
    ‫الجماعية‪ ،»..‬وأخرى متحركة‬
   285   286   287   288   289   290   291   292   293   294