Page 289 - ميريت الثقافية رقم (28)- أبريل 2021
P. 289

‫ينتشر الموت في قصائد الديوان‬                                                      ‫أمبرتو إيكو‬
 ‫حتى تلك التي تتناول اللحظات‬
 ‫السعيدة‪ ،‬فهو محتشد ومكتظ‬                                                  ‫أما في قصيدة (الأرقام كما لو‬
  ‫بالتفاصيل‪ ،‬بل وتحفل برائحته‬                                                ‫كانت ثمانين عا ًما من الحب)‬
      ‫وشكله ولونه كل القصائد‪،‬‬
       ‫ولا نستغرب أن يحتل مثل‬                                                  ‫فتسعى الذات الشاعرة إلى‬
  ‫هذه المكانة‪ ،‬لأن الشاعرة من‬                                            ‫تصوير كثافة هذا الموت والمندلع‬
   ‫الشعراء الذين عاشوا مخاوف‬
            ‫الحرب وجرحه العميق‬                                                      ‫بشراهة وبلا حدود‪:‬‬
                                                                                ‫«أيتها الرياضيات البليدة‬
‫المقبرة بهذا الالتحام وبهذا المشهد‬             ‫ككلب عجوز؟» ص‪.35‬‬
 ‫الجمعي‪ ،‬وبهكذا شواهد متراصة‬              ‫وتذهب في قصيدة (المجزرة‬                     ‫كيف سأحب رق ًما‬
                                      ‫تبتسم) إلى مقاربة فكرة اشتهاء‬      ‫وكل رقيم يضيف رو ًحا قتيلة في‬
               ‫على قيد الحياة»؟‬      ‫الموت إلى أقصى حدود الألم حيث‬
 ‫ثمة مكونات تجتمع عندما يتعلق‬        ‫كل شيء يوحي بفاجعة النهايات‪:‬‬                       ‫بلادي» ص‪.58‬‬
                                     ‫«كل قتيل له اسم يدون على شاهد‬       ‫في هذا المقطع تتجلى غزارة الموت‬
    ‫الأمر بموضوعة الموت‪ ،‬وهي‪:‬‬                                            ‫وكثافته وقد ملأت رائحته فضاء‬
‫الأزهار‪ ،‬الماء‪ ،‬شجرة الزان‪ ،‬عشب‬                                ‫قبره‬     ‫هذا المقطع وبلا حدود‪ ،‬وتعاضدت‬
 ‫نيسان‪ ،‬كناري‪ ،»..‬عناصر تؤثث‬                ‫بيروين‪ ..‬محمد‪ ..‬هوشنك‬        ‫مع شبكة من الدوال العاملة على‬
‫ما يشبه مقبرة تشكيلية‪ ،‬اجتهدت‬            ‫كلستان‪ ..‬عمر‪ ..‬أفين‪ ..‬نارين‬
 ‫الشاعرة في جعلها صو ًرا تعكس‬                ‫مصطفى‪ ..‬ريبر‪ ..‬خليل‪..‬‬         ‫مضاعفة معنى الموت وشبحه‪:‬‬
                                                                          ‫«الرياضيات‪ ،‬رقم‪ ،‬روح‪ ،‬قتيلة»‬
                    ‫شبح الموت‪:‬‬                   ‫أزدشير‪ ..‬وإسماعيل‬
                  ‫«أزها الصبار‬          ‫وقائمة الأسماء تطول وتطول»‬          ‫كأنما زمن أسطوري يتأسس‬
           ‫تنمو في أحواض المدن‬                                             ‫على أرقام فوق قياسية في عدد‬
           ‫التي هجرناها» ص‪.9‬‬                                 ‫ص‪.96‬‬       ‫الموتى‪ ،‬هذه الكثافة تقود بالنتيجة‬
    ‫في خضم هذه الحرب العاهرة‬            ‫ولو شئنا حشد أسماء الأعلام‬      ‫إلى إحساس جارح ويومي بتراكم‬
‫التي تنتج ألوا ًنا وصي ًغا من الموت‬  ‫الضاغطة على هذا المقطع الشعري‬          ‫القتلى جراء فداحة الموت‪ ،‬بل‪،‬‬
‫للإنسان والمكان‪ ،‬لا تملك الشاعرة‬     ‫لتحصلنا على أسماء من جنسيات‬          ‫جراء فداحة الحرب‪ ،‬حتى أنه لم‬
‫سوى أن تسخر وبلون أسود من‬               ‫وثقافات مختلفة‪ ،‬أنتجت وحدة‬          ‫يعد هناك أ ًّيا كان يهتم بشكل‬
   ‫الجنود باعتبارهم أدوات آدمية‬      ‫وتعاض ًدا في أحضان الموت‪ ،‬حيث‬        ‫وصيغة موته وميتات الآخرين‪:‬‬
   ‫مسخرة لإنتاج الموت ليس إلا‪:‬‬           ‫القتلى لا يتابزون‪ ،‬وكما لو أن‬     ‫«فمن يعبأ لإكسسوارات الموت‬
                                         ‫الشاعرة تغمز «ماذا لو كانت‬         ‫ما دام سيموت الحب في قلبي‬
                       ‫«الجنود‬
   284   285   286   287   288   289   290   291   292   293   294