Page 272 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 272
العـدد 27 270
مارس ٢٠٢1
بوضوح عن الاجتماعي والفني، ثنايا السعف الأخضر وفوق عروش إلا لها .وبذلك كانت وظلت ربوة
وجعل من الثقافي نب ًعا جدي ًدا في الهامات من النخل الممتد تاريخ أخضر:
قصيدته كأنه امتد بالعنونة ليصل ليباهي أزمنة ظمأى.
بها وتتحرك في القصيدة ،لتكون من ربوة تاريخ أخضر
نب ًعا من نوع آخر ،لأن الثقافة حياة هذه القصيدة مبنية على مرويات تطل علينا البصرة بجدائلها
مختزنة بالذاكرة ،وهي مجموعة من ملوحة بالعبق السحري الذي لا
خضراء. الأفكار التي ضبطها الهيكل البنائي
يا بهجة عمري الممتد وهو يشاهد في الشعري ،وفاضت بالمحبة نحو المكان ينضب
وبفرشاة لونتها العبقريات لوحات
المربد عرس بنيها في عقد قران الفيحائي المتجاور مع مكانه هو/
الآداب ،يتراقص نقد لا يسلك للباطل حلته /الفيحاء ،لم يكن الموحد بين على م ّر الزمن..
سفن تبحر في لجج الحقب الممتدة
در ًبا الشاعر والبصرة إلا الذكريات/
ويغني كي يطرب كل حضور الحفل والمرويات المستعادة بتفاصيلها، فك ًرا ..أد ًبا ..شع ًرا
تبقى أمنيتي الكبرى ،أن يتجدد هذا وإنما لأنها مجاورة في خصائصها لا تعرف للظلمة معنًى يتباهى
العرس مدي ًدا.. لفيحاء الشاعر /الحلة. بالجهل
ثم أموت.. يستعيد الشاعر أبرز مميزات إنها مدينة لا تشبه مدينة أخرى،
البصرة التي لولاها لما كان الجاحظ
النبع مبتدأ القصيدة وهو جوهرته والخليل .وفي هذا المقطع تصل وهذا الذي أراده لها الشاعر،
النصيّة الأولى ،ويخضع الشاعر القصيدة إلى ما يشبه الإعلان عن والبصرة مدينة ترفع يدها المجازية
قصيدته لهذه الدلالة المألوفة الجغرافية /التاريخ /والرموز مثل وتلوح لعشاقها بالعطر السحري،
الخليل والجاحظ ،وأعتقد بأن الشاعر وريحها حاضر وباق في كل مكان.
والرمزية ،وتظل مهيمنة لأنها أمنية جعفر هجول اتكأ على ثوابت معروفة
الأنا /الذات التي يحلم باستمرارها في تاريخ البصرة ،هذا بالإضافة إلى البصرة لوحة ليست لفنان ،واحد
حتى لحظة قادمة ،إنه حلم الشاعر خزين الذاكرة ،وقد وظف الشاعر وإنما تنوعت العبقريات على م ّر
جعفر هجول الشفاهية في قصيدته الزمن ،وتلاعب الشاعر بسفنها
ولن يخشى بعد تحقق كل الذي والاستفادة من طاقتها الإحالية على
أراده من أن يموت .وقد اختتم السائد الفني في البصرة ،وأعتقد بأن المقترنة مع الماء ،وجعل منها فك ًرا
قصيدته بالنهاية التي لا تهمه إن هذه البؤرة الواحدة والسريعة قد وأد ًبا وشع ًرا ،ظلت محاولة الشاعر
تحققت فع ًل .لكن مثل هذا الموت فتحت أف ًقا أمام القصيدة ،وتحريك
لا يلغي حضور الشاعر الاعتباري حالة السكون والتكرار فيها. بالكتابة عن البصرة محكومة
ثم غنى الكوكب ال ُح ّل للآتين لحنًا بالمألوف المقيد ،بما مرئي ،وكان
والمعنوي وإن استطاع عليه صاغه البصري شو ًقا وأنينًا وحنينًا الانزياح بسي ًطا إذا لم يكن غائبًا ،لأن
فسليوجيًّا ،هو باق مادامت البصرة/ [ابنادم داده بهيده اعله بختك لا تعت حضور الصور التي بالذاكرة هي
الحلة ولكل منهما حضوره الثقافي/ الطاغية ،واكتفى بها الشاعر لتقول
بيها.. ما أراده هو عن مدينة لها اقتران
الفني /الجمالي. روحي انحلت .والشوق يبنادم.. بالسعادة والصداقة خلال تاريخ
مات الشاعر جعفر هجول ومنحته
هذه القصيدة حضو ًرا في فعاليات والشوق ماذيها] طويل ،استمر طوي ًل.
مربد كل عام ،وحت ًما سيقترن هذا في هذا التوظيف الشفاهي /الغنائي لم تكن العلاقة بين الأنا /والمكان
الحضور مع أية فعالية ثقافية ،لأن إمكانية منح القصيدة فرصة الحراك
عاطفية ،سريعة ،بل هي علاقة
نبعه سيظل متدفقًا قلي ًل ،وكان الشعر العامي ممتلك لها مكونات ثقافية /اجتماعية/
لشحنة درامية ،بالإضافة إلى أنه سياسية ،وهذه كلها حاضرة من
* القصيدة الأخيرة للشاعر جعفر كاشف عن مجال اجتماعي ،حرص خلال تصورات شعرية عديدة:
هجول ،وكان مفتر ًضا أن يقرأها سفن تعلوها أشرعة مط ّرزة بالألوان
في المربد ،لكنه توفى قبل الوصول الشاعر عليه لأنه جزء يقظ في
للبصرة يوم 21آذار .2010 ذاكرته .وتكاد أن تعلن القصيدة لا يجهل معناها نورسه
كيف الزاجل ألغى عودته؟
وتمنى لو أن جناحيه سراب
أنت وعشقي الحلة فيحاءان
فيهما يض ّوع طلع الأدب الثر بين