Page 267 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 267

‫‪265‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

  ‫الارتحال علامة في مجموعة من‬            ‫لا يقابل في الدلالة معنى الكأس‬       ‫فى متاهات المقا ِم‪ /‬وأرتوي‪ /‬حتى‬
          ‫قصائد محمد الشحات‪:‬‬              ‫إلا معنى القلب‪ ،‬والفيض حالة‬             ‫يظ َن الخل ُق‪ /‬أني ما أرتوي ُت‪/‬‬
                                          ‫زاد فيها الوارد عن حيز المحل‪،‬‬               ‫فأعو ُد من حيث انطلق ْت»‪.‬‬
  ‫وجدنا أن القصائد التالية تشكل‬
      ‫نس ًقا منسج ًما دا ًل متفاع ًل‪:‬‬       ‫ووقعت الغلبة‪ ،‬وكان الفيض‬          ‫نسق العلامات الدالة على الأحداث‬
                                             ‫تعبي ًرا عن ضيق‪ ،‬في مقابل‬                              ‫السردية‪:‬‬
 ‫‪ -1‬قصيدة رجفة الوجدان ص‪.7‬‬               ‫غمر أو حالة شوق في وصل أو‬
 ‫‪ -2‬قصيدة كونية الروح ص‪.23‬‬              ‫إفصا ًحا عن حزن ووجع وجرح‪،‬‬                  ‫(طال‪ ..‬فشدنى‪ ..‬وكشف ُت‪..‬‬
‫‪ -3‬قصيدة أساس الملك ص‪.105‬‬                ‫فلذا يوصي الشاعر بملء القلب‬                ‫اكتويت‪ ..‬انتبهت‪ ..‬أرتوي ُت‪..‬‬
                                       ‫بالكأس حبًّا في الترحال والترحل‪،‬‬
       ‫‪ -4‬قصيدة الضوء المباغت‬          ‫والترحل اجتهاد ومكابدة للأحوال‬                               ‫انطلق ْت‪)..‬‬
                       ‫ص‪.190‬‬              ‫والانتقال من مقام إلى مقام إلى‬       ‫الشاعر يسرد حاله لحظة انفعاله‬
                                                                               ‫بفيوض المقام‪ ،‬هذا المقام الذي لم‬
 ‫‪ -5‬قصيدة لحظة سمو ص‪.145‬‬                       ‫حين بلوغ حقيقة الرؤيا‪.‬‬         ‫يسمه باسم‪ ،‬وهو المفتتح والأول‪،‬‬
   ‫‪ -6‬قصيدة حين ارتجف القلب‬            ‫الارتحال وتشاكل الارتقاء‪ ،‬مقطع‬         ‫لذا طال واستلذ الشاعر هذا الزمن‬
                       ‫ص‪.109‬‬
                                                      ‫شعري (ص‪)20‬‬                   ‫وأغراه بأسراره وما فيه مما‬
‫قبل أن نعبر إلى موضع الارتحال‬          ‫«هذا مقا ُم َك‪ /‬فاستع ْد‪ /‬من كل ما‬       ‫تلبد‪ ،‬والتلبد الاستتار‪ ،‬و(انثنى)‬
‫تتمي ًما لما قمنا به قبل ذلك قد بدأنا‬
‫تأم ًل سيميائيًا نجد تشاك ًل دلاليًّا‬    ‫ُيدني َك‪ /‬واسكن هدأة الأعضا ِء‪/‬‬         ‫انعطف وضم جناحه وانكمش‬
                                         ‫أفرغ من ضلوع َك‪ /‬نشو ًة كانت‬          ‫فهو إلى الاستتار أقرب‪ ،‬وبالضن‬
    ‫بين العنوان الأول والسادس‪،‬‬          ‫ته ُّز َك‪ /‬وارتحل كيما ترى‪ /‬عينًا‬       ‫بالمخبوء أدنى كأن المقام اختبار‬
  ‫تحقق في كلمة رجفة في العنوان‬                                                 ‫للمريد لكشف مدى شوقه ومدى‬
                                           ‫معلق ًة ونو ًرا ساط ًعا»‪ .‬فالأمر‬   ‫استعداده للبحث عن معنى القرب‪.‬‬
    ‫الأول‪ ،‬قصيدة رجفة الوجدان‬               ‫يأتي شار ًحا حالة الارتحال‪،‬‬
    ‫وفي العنوان السادس قصيدة‬            ‫فحالة الارتحال لدى الشاعر هي‬             ‫وجوهرة الكمال‪ .‬فالمقام يصير‬
 ‫«حين يرتجف القلب»‪ ،‬كذلك نجد‬              ‫رؤية النور والاتحاد بفيوضه‪.‬‬          ‫في هذا النسق السردي شخصية‬
     ‫تشاك ًل بين القصائد التالية‪:‬‬       ‫فارتح ْل‪ /‬تنجو بنف ِس َك‪ /‬وانتبه‪.‬‬
 ‫الأولى والثانية والثالثة في كلمات‬         ‫الارتحال الصوفي لا نهاية له‪،‬‬            ‫(طال‪ ..‬أسراره‪ )..‬إلى جانب‪:‬‬
  ‫معينة كوجدان وقلب في قصيدة‬             ‫لا نهاية لامتداده‪ ،‬امتداد الشوق‬          ‫الخلق‪ ..‬الشاعر‪ .‬وهو في الآن‬
   ‫رجفة الوجدان‪ ،‬كلمة رجفه في‬           ‫نحو المطلوب المتصف بكونه عين‬               ‫نفسه مكان (متاهات المقام)‪.‬‬
    ‫قصيدة كونية الروح‪ ،‬قصيدة‬               ‫الكمال‪ ،‬الحق المحبوب المتجلي‬
     ‫حين ارتجف القلب في كلمتي‬          ‫بتنزه صفات بدائع مخلوقاته على‬                            ‫عقدة التحول‪:‬‬
 ‫القلب والروح‪ .‬نجد كذلك تشاك ًل‬           ‫وجه الإفضال وعظيم الجمال‪:‬‬                           ‫حتى يظ َن الخل ُق‬
  ‫معنو ًّيا بين قصيدة لحظة سمو‬            ‫«وافتح فى فؤداك شرف ًة‪ /‬كيما‬
‫وقصيدة الضوء المباغت وقصيدة‬              ‫ترا ُه‪ /‬فإن رأي َت ضيا َء ُه‪ /‬فانهل‬                   ‫أني ما أرتوي ُت‬
‫كونية الروح على اعتبار أن السمو‬          ‫من النفحا ِت‪ /‬با ِرح ما يش ّد َك‪/‬‬             ‫فأعو ُد من حيث انطلق ْت‬
 ‫يقصد به الارتقاء من الطيني إلى‬        ‫كى تحل َق فى الفضا ِء‪ /‬الآن تعرف‬          ‫رحلة سيزيفية لكنها مستلذة‪..‬‬
                                        ‫ما ُيعني َك‪ /‬كى تواصل رحلة‪ /‬لا‬             ‫فالصوفي يلذ تكرار الحال أو‬
                       ‫الروحي‪.‬‬                                                ‫الوارد أو المقام لما يفيض فيه عليه‬
           ‫قصيدة كونية الروح‪:‬‬                           ‫تنتهي» ص‪.15‬‬           ‫من المعارف اللدنية وما يذوق من‬
  ‫في رحلتها المقامية تسافر الروح‬             ‫الارتحال وتشاكل الارتقاء‪:‬‬
   ‫و تدور المدارات في نسق النور‬             ‫والارتقاء يرتقي إلى محبوبه‬                         ‫أنسام إشراقية‪.‬‬
      ‫وتتسع وتحيي المريد‪ ،‬يحيا‬            ‫عن طريق‪ :‬المقامات‪ .‬الارتحال‪.‬‬              ‫الكشف‪ ..‬الاكتواء‪ ..‬الارتواء‬
    ‫حياته الأبدية بين روح كونية‬                                                     ‫وكلها ذات دلالات عرفانية‪.‬‬
 ‫يقول الشاعر‪ :‬يا منية الروح أين‬                               ‫والسمو‪.‬‬               ‫و»حضور ماهو سردي في‬
           ‫تحطين رحلك ص‪.23‬‬                                                           ‫أجناس أخرى يتطلب ذكا ًء‬

                                                                                      ‫وإدرا ًكا سرديين من أجل‬
                                                                                                   ‫كشفه»(‪.)11‬‬
   262   263   264   265   266   267   268   269   270   271   272