Page 262 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 262

‫العـدد ‪27‬‬                                             ‫‪260‬‬

                                                                                                             ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬

‫لعبة الضمائر والإيهام بالذات‪..‬‬
‫قراءة في ديوان «يكاد قلبه يضيء»‬

                                                      ‫د‪.‬ناهد راحيل‬

          ‫لجعفر حمدي‬

    ‫أحادية الدلالة‪ ،‬التي قد تتعدد‬    ‫متكاملة‪ .‬وهو ما أنتهجه الشاعر‬                            ‫لعل العنوان من المداخل‬
 ‫بتعدد تقدير ضمير الغائب؛ ليقع‬       ‫«جعفر حمدي» في ديوانه «يكاد‬
                                                                                           ‫المهمة لتأويل النص بوصفه من‬
   ‫المتلقي في حيرة تفسير عائدية‬        ‫قلبه يضيء» الصادر عن دار‬                              ‫محددات الفعل القرائي‪ ،‬الذي‬
     ‫الضمير‪ ،‬وتقدير المحذوفات‬         ‫فهرس عام ‪ ،2018‬حيث اختار‬
     ‫للحصول على جملة متكاملة‬       ‫لمجموعته الشعرية عنوا ًنا تجميعيًّا‬                    ‫يوجه المتلقي إلى الصيغة المناسبة‬
    ‫الأركان نحو ًّيا‪ ،‬ومن ثم كتلة‬     ‫يعبر عن المغزى العام للديوان‪،‬‬                      ‫لقراءة العمل‪ .‬واعتما ًدا على صيغة‬
                                                                                         ‫العنوان ‪-‬اللغوية والدلالية‪ -‬يبني‬
‫دلالية مستقلة‪ ،‬خاصة‪ ،‬وأن أنوية‬          ‫وتنسحب دواله على عدد من‬
‫الشعر وذاتيته تؤكد بشكل عميق‬                      ‫القصائد الداخلية‪.‬‬                        ‫القارئ توقعه للنص ويدفعه إلى‬
‫قرب الشاعر من الراوي الشعري‬                                                               ‫تحديد مضمونه أو مناخه العام‪.‬‬
                                       ‫على المستوى التركيبي يتكون‬                         ‫فيأتي العنوان عتبة خاصة تمهد‬
    ‫في القصيدة‪ ،‬وربما تؤكد على‬         ‫العنوان من ثلاثة دوال تكون‬                           ‫للقول الشعري وتختزل معناه‪،‬‬
                ‫تطابقهما كذلك‪.‬‬     ‫التركيب الفعلي «يكاد قلبه يضئ»‪،‬‬
                                                                                              ‫ومن هنا ليس من الوارد أن‬
     ‫ورغم اعتماد الشاعر ضمير‬             ‫الذي قد يستدعي في الذهن‬                           ‫ينطلق العنوان من أفكا ٍر مسبقة‬
 ‫الغائب في بنية الجهاز العنواني‪،‬‬         ‫التركيب القرآني من سورة‬                           ‫خارجة عن النص‪ ،‬بل يفضل أن‬
                                      ‫النور « َي َكا ُد َز ْي ُت َها ُي ِضي ُء َو َل ْو‬   ‫يكون مرتب ًطا به وأن يكون جز ًءا‬
    ‫فإنه تحرك بين مجموعة من‬         ‫َ ْل َت ْم َس ْس ُه َنا ٌر»‪ .‬ورغم الحضور‬
    ‫الضمائر بحرية أكثر لتكوين‬      ‫الواضح للتراكيب الدينية والصور‬                               ‫من المعنى الذي يعبر عنه‪.‬‬
 ‫نصه الشعري‪ ،‬مستدعيًا ظاهرة‬              ‫القرآنية في الديوان‪ ،‬إلا أنها‬                       ‫والعنوان إما أن يكون مختا ًرا‬
   ‫الالتفات التي تحدث عنها ابن‬      ‫جاءت في أغلب المواضع بوصفها‬                           ‫من عنوان أحد القصائد الداخلية‬
                                        ‫تنويعات لغوية‪ ،‬وطريقة من‬                            ‫للمجموعة ال ِّشعرية‪ ،‬وقد يأتي‬
      ‫الأثير والتي تعني ‪-‬لديه‪-‬‬     ‫الطرائق الأسلوبية التشكيلية التي‬                      ‫بوصفه علامة بارزة على موضوع‬
    ‫الانتقال من صيغة إلى أخرى‬         ‫تميز لغة الشاعر‪ ،‬وتكشف عن‬
  ‫كالانتقال من خطاب حاضر إلى‬                                                                   ‫الديوان المسيطر على جميع‬
   ‫غائب‪ ،‬أو من خطاب غائب إلى‬                      ‫خلفياته المرجعية‪.‬‬                         ‫قصائده‪ ،‬ويطلق على هذا النهج‬
    ‫حاضر‪ ،‬أو من فعل ما ٍض إلى‬         ‫أما على المستوى الدلالي فيطرح‬                       ‫«فكرة الديوان التجميعي»؛ حيث‬
     ‫مستقبل‪ ،‬أو من مستقبل إلى‬      ‫العنوان من البداية مقاومته لفكرة‬                       ‫يقدم عد ًدا من القصائد تشكل في‬
                                                                                          ‫تتابعها بنية تعكس رؤية ِشعرية‬
                        ‫ما ٍض‪.‬‬
   257   258   259   260   261   262   263   264   265   266   267