Page 257 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 257
255 ثقافات وفنون
شخصيات
أما الشاعر الأخير إذا ما بدت من خباء العفاف
كما تتجلى صبا ًحا ذكاء
الذي بدأ حضور تبينتها ،وهي لي صورة
صالون م ّي سنة أعيدت إلى الخلق ،بعد العفاء
،1923فقد وقع فتعرفها وبها حليتاي:
في غرام سيدة سحر الجمال ،وسر الذكاء.
ولا يفوتنا ،عند ذكر أهم شعراء
الصالون ،شأنه
الصالون ،أن نذكر نج ًما من
شأن آخرين، نجومه ،وهو د.شبلي شميل،
الذي اشتهر في الصالون بزئيره
إلا أنه أوغل الهادر ،دفا ًعا عن انحيازه للعلم،
إذ كان متحم ًسا لنظرية داروين
متنط ًعا في غزله
المكشوف ،وهو في النشوء والتطور ،وكان
موضع سخرية بريئة من الأدباء
الريفي المتحفظ، بالمجلس .وكان شميّل ،إلى جانب
ورب عائلة إلى حدته ،يمتاز بروح الفكاهة،
وكان مر ًحا طالما أضحك رواد
الدرجة التي
الصالون.
تبرمت بها م ّي، ذكرت سيدة الصالون أن شبلي
وكادت تتسبب شميل قد صاح بزوار الصالون
«فضونا من غلبتكم يا أُ َد َبتية ،يا
إسماعيل باشا صبري أحمد لطفي السيد في إحراجها، أولاد الكلب» (سلمى الكزبري،
فيقول الرافعي في ،1987مجلد ،1ص ،)376وقد
ردت عليه م ّي ممازحة« :قلمك
فإن إشكالية الهوية تكتسب وصف م ّي: يقول إننا أبناء القرد ،وصوتك
ليست تح ُّب سوى أن لا تح َّب
أبعا ًدا ،طالما أرقت الفكر العربي يقول إننا أبناء الكلب ،فأي
فما الوجيهين ج ّدنا؟» .وهذا مثال
لشعره في م ّي ر ًّدا على انتقادها
عام ًة ،والمصري خاص ًة .ولعل أعصى الدوا إن غدا من حبها
لماديته المبالغ فيها:
دائي. أيا من رابها مني مقالي
(سلمى الكزبري ،1987 ،المجلد المفكر الكبير ،جمال الدين فجاءت وهي تنفر كالغزا ِل
الأفغاني ( ،)1897 -1838هو تقول« :أخاف منك على خيا ٍل
،1ص)425 أرى في آيه كل الجما ِل»
كان الغرض الرئيس من تحمل أول من صاغ مفهوم القومية، كأن حقائقي ليست جما ًل،
الرافعي لمشقة السفر ،وحضور فهو مؤسس «العروة الوثقى» وأن خيالها منها لخا ٍل!
جلسة الصالون كل ثلاثاء هو (مارس -أكتوبر ،)1884أول إذا ما قمت أطري الحب يو ًما
الأمل في استمالة سيدة الصالون جريدة قومية عربية تثير سؤال ألا تدرين أنك في خيالي؟
«من نحن؟» ،وتقرنه بكفا ٍح (سلمى الكزبري ،1987 ،المجلد
وملهمة شعره .وقد انقطع
بالتالي عن زيارة الثلاثاء بعد أن سياسي وفكري ،يؤسس ،1ص)376
ويستشرف نهضة فكرية،
تدعو الشعوب الواقعة تحت نير اقتنع نهائيًّا ،لاستحالة تجاوب
الاستعمار الغربي ،إلى الانعتاق م ّي لعواطفه الجياشة.
( )4الهوية واللغة في من التبعية (لانجلترا في حالة
مصر) ،والاستقلال بمكانة
متميزة بين الأمم. صالون م ّي
إذا سلمنا بأن محمد علي ،وهو دعت «العروة الوثقى» لاتخاذ
ألباني الأصل ،تولى الولاية عن العقيدة الإسلامية الأساس الأول
طريق الإمبراطورية العثمانية ،لبناء مثل هذا الصرح الوطني