Page 254 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 254
العـدد 27 252
مارس ٢٠٢1
والسياسة والتدريس الجامعي حكمك» (سلمى الكزبري،1982 ، به ،وتعلمت منه وعنه أسرار
ووزي ًرا للداخلية ووزي ًرا تلك المهنة التي كادت أن تتفوق
ص .)68 -67 فيها على أستاذها ،فكانت من أهم
للمعارف ومترج ًما وفيلسو ًفا، كان عباس محمود العقاد ،عملاق كاتبات «المقتطف» بالإضافة إلى
وأنهى حياته برئاسة مجمع اللغة الأدب العربي ،من القلائل الذين «المحروسة» و»الأهرام» ،وكبرى
واظبوا على حضور جميع جلسات
العربية. الصحف والمجلات النسائية.
كان هذا الرجل الفذ همزة صالون م ّي طوال العشرين وأطلقت م ّي على أستاذها الأثير،
الوصل ما بين رواد النهضة عا ًما التي تمثل عمره بالكامل. ممازح ًة ،كثي ًرا من الألقاب مثل
الأوائل من أمثال جمال الدين وقد ارتبط الكاتب الكبير بعلاقة «أستاذي العظيم» ،و»فرعون»،
الأفغاني والشيخ محمد عبده، صداقة متينة من جانبها ،وصلت
ومن تلاهم من الأجيال .وقد إلى حد الحب من جانبه ،الذي و»فولتير» وغيرها.
أفاد أحمد لطفي السيد الحركة عبّر عنه نث ًرا وشع ًرا ،بل وشكل حين طلبت م ّي من أستاذها بعض
الوطنية بإيمانه الراسخ بأن الموضوع الأساسي الذي تناوله أعداد «المقتطف» القديمة لتستعين
مصر للمصريين ،وكان نزي ًها
قاد ًرا ،جدد وأضاف إلى كل في روايته المتميزة الوحيدة بها في إتمام بعض المقالات ،رد
منصب تولاه .كان من أوائل «سارة» (.)1938 عليها بهدية ثمينة ضمتها للمكتبة
المدافعين عن قاسم أمين في
دعوته لتحرير المرأة ،كما وأفرد العقاد فص ًل ها ًما في كتابه التي زينت مجلس الصالون،
كان زمي ًل لسعد زغلول في «رجال عرفتهم» ( )1963بعنوان واحتلت مكان الصدارة منه.
مفاوضاته مع الإنجليز من أجل وكانت الهدية المجموعة الكاملة
الاستقلال ،بل وقد استقال ذاته، «رجال حول م ّي» ،واص ًفا فيه للمقتطف منذ صدوره ،محفور
احتجا ًجا على إقالة طه حسين طباع الكاتبة الكبيرة ،وطبيعة عليها اسم م ّي ،وتحتويها خزانة
من منصب العمادة .وكان إلى كل شرقية من خشب الجوز المحفور،
ذلك دمثًا متواض ًعا وخير مدافع صالونها ،فيقول« :وكانت وطالما حازت إعجاب زوارها
عن الديمقراطية والتعددية طوال الآنسة م ّي حريصة على تقاليد
العرف في الصالونات العائلية إلى بالصالون.
حياته. حد التكلف ،فهي تعقد ندوتها كانت للدكتور صروف مجموعة
كانت م ّي زيادة تعتز بصداقة من المؤلفات والترجمات ،والتي
الأسبوعية للأدب والأدباء،
المفكر الكبير ،وتستشيره في ولكنها لا تنسى برنامج الصالون طالما كانت موضو ًعا لمناقشات
كل ما يعن من قضايا فكرية وجلسات الصالون ،مثل «سير
المصطلح عليه في البيوت»( .ص الأبطال والعظماء» ،و»بسائط علم
وفلسفية ،شرقية كانت أم )153 الفلك» ،و»سر النجاح» ،إلخ ،عاد
غربية ،ولعب أحمد لطفي السيد 20قصة ،أهمها «فتاة مصر»،
دو ًرا حيو ًّيا في فكر وأسلوب م ّي وح ْسب الكاتبان الكبيران أنهما
الأدبي ،بروح الأب المحب لابنته، تعاونا ،وأسهما سو ًّيا ،في إثراء و»أمير لبنان».
والمعتز بتقدمها الفكري يو ًما بعد وأوصى الأستاذ الكبير م ّي قبل
اللغة العربية نظر ًّيا وعمليًّا. أن توافيه المنية ،بالإشراف على
يوم ،وجلسة بعد أخرى.
استشارت م ّي والدها الفكري *** جمع وتنقيح تراثه الصحافي
والأدبي ،قائ ًل« :فما دم ِت يا
في إشكالية حبها الجم للغة أهم من تشرف بحضور صالون عزيزتي أص ّح مني حك ًما فعسى
العربية ،ورغبتها الصادقة في م ّي الأسبوعي لعدة سنوات، أن تهتمي بجمع ما تستحسنين
تملكها والإلمام بمختلف أساليبها، جمعه من رسائلي ورواياتي،
فما كان من المفكر البليغ إلا أن أطلق عليه رواد النهضة المصرية
وأعمدتها لقب «أستاذ الجيل». وتعيدي طبعها ونشرها،
عمل أحمد لطفي السيد خلال وسأوصي أولادي أن يقبلوا
عمره المديد (عاش 95عا ًما)
بالمحاماة والنيابة والصحافة