Page 266 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 266

‫العـدد ‪26‬‬           ‫‪264‬‬

                                                                                  ‫فبراير ‪٢٠٢1‬‬  ‫سلام فإ ّن القصيدة الواحدة‪،‬‬
                                                                                               ‫بل المقطع منها‪ ،‬يستدعي أكثر‬
   ‫النّثر براف ٍد مه ٍّم وجدي ٍد‬                ‫ديوانه «هكذا قلت للهاوية»‪،‬‬
     ‫هو ال ّرافد ال ّسينمائي‬                          ‫ونقتطف المثال التّالي‬                       ‫من شخصية وفي مجالات‬
                                                                ‫للتوضيح‪:‬‬                          ‫مختلفة عبر توليفة ملغزة‬
   ‫الواإلمإكعالنايام ّيت‪،‬الحهايئلثة اجلّ ّتريب‬           ‫«أنا القات ُل البري ُء‬
   ‫يتيحها الإعلام ال ّسمع ّي‬                            ‫أنا الخائ ُف الجري ُء‬                       ‫لكنّها شعرية ومدهشة‪:‬‬
   ‫والبّصر ّي لغة وتقنيات‬                                 ‫أنا الفات ُن النّتي ُء‬                      ‫«يا طرفة يا نيرودا يا‬
    ‫وأداة‪ ،‬وقد استفاد من‬                             ‫أنا الأبدية الفانية»(‪.)14‬‬
  ‫سنوات عمله ال ّطويلة في‬                                                                      ‫بوشكين يا سعدي يوسف يا‬
 ‫هذا المجال (وإن خاصمته‬                           ‫هذا المقطع ال ّشعر ّي ومثله‬                        ‫بيتهوفن يا أصلان يا‬
                                                     ‫الكثير استوحاه رفعت‬
              ‫هذه المهنة)‪:‬‬                                                                       ‫ريتسوس يا دي ْس ُتويفسكي‬
     ‫«خاصمتني الحقول‪،‬‬                           ‫سلام من أسلوب بودلير في‬                                    ‫يا تشا ْي ُكو ْف ِسكي‬
    ‫واعتزلتني‪ ،‬والمذياع ما‬                        ‫«أزهار ال ّشر»‪ ،‬خاصة من‬
     ‫يزال مذيا ًعا‪ ،‬يطعمني‬                             ‫قصيدة «إلى عذراء»‪:‬‬                      ‫يا ما يا كوفسكي يا رام ُبو‪..‬‬
‫أشياء عاطفية وأر ًقا‪ ،‬حتّى‬                            ‫«أنا الجر ُح وال ّسكين!‬                                         ‫(‪.)12‬‬
                                                         ‫أنا ال ّصفعة وال َخد‬
             ‫مطلع الفجر‪:‬‬                          ‫أنا الأعضا ُء وآل ُة التّعذيب‬                    ‫أو مثلما نجد في النّموذج‬
          ‫هنا القاهرة»(‪.)16‬‬                       ‫وال ّضحي ُة والجلاّد! «(‪.)15‬‬                                      ‫التّالي‪:‬‬
 ‫ولمّا كان التّجريب في اللّغة‬                        ‫كما انفتح ال ّشاعر على‬
  ‫يقتضي أن يأتي ال ّشاعر‬                              ‫أسماء شعرية كثيرة‬                              ‫«لماذا ‪-‬حين ته ُّز ال ّريح‬
    ‫بلغة جديدة أو صياغة‬                            ‫مصرية وعربية وعالمية‪،‬‬                                         ‫أغصاني‪-‬‬
 ‫مفردات غير مألوفة‪ ،‬فإ ّن‬                            ‫قديمة ومعاصرة‪ ،‬لكنّه‬
 ‫لغة رفعت سلام ال ّشعرية‬                            ‫في الأخير بصم المشهد‬                             ‫ي ّساق ُط الحطيئة وبشار‬
‫لا تخلو من تجري ٍب شعر ٍّي‬                       ‫ال ّشعر ّي ببصمته ال ّشعرية‬                               ‫ورامبو والمتنبي‬
     ‫متعدد‪ ،‬يتجلى ذلك في‬                              ‫الّتي تميزه عن غيره‪،‬‬
 ‫تخليصها من تلك الفخامة‬                             ‫فبالإضافة إلى التّجريب‬                       ‫ومايا كوفسكي وأبو نواس‬
‫المتعالية وقيودها التّفعيلية‬                      ‫البصر ّي والفنّ ّي والثّقاف ّي‬                   ‫وامرؤ القيس وريتسوس‬
   ‫ورهافتها ال ّرومانسية‪..‬‬                        ‫رفد رفعت سلام قصيدة‬                                       ‫وتأ ّبط ش َّرا(‪.)13‬‬
 ‫هكذا نجد قصائده تحتفي‬                                                                                 ‫لا يكتب رفعت سلام‬
     ‫بلغة ال ّشارع والمقهى‬
      ‫والمترو والأوتوبيس‬                                                                         ‫قصيدة نثر بشكل متعارف‬
 ‫والباعة والفول وال ّطعمية‪.‬‬                                                                       ‫عليه‪ ،‬بل يكتبها بحساسية‬
 ‫«فإذا ما تعجب الأصدقاء‬                                                                         ‫إيقاعية عالية ومكثفة‪ ،‬تنفتح‬
   ‫صعدت إلى قمة ال ُّنصب‬
     ‫وصرخت أ ّيها النّاس‬                                                                             ‫على اليوم ّي والهامش ّي‬
    ‫ليست الح ّمى القرمزية‬                                                                        ‫وال ّذات ّي‪ ،‬ليس هناك قطيعة‬
   ‫ولا ال ّسعال ال ّديكي ولا‬                                                                      ‫مع التّراث العرب ّي‪ ،‬وليس‬
 ‫ال ّشيزوفرينا ولا البنيوية‬
   ‫الوبائية ولكنّه انتصاف‬                                                                           ‫هناك حجاب بين ال ّشعر‬
  ‫اللّيل حين أقول للأشياء‬                                                                      ‫والثّقافة‪ ،‬وقد ساعدته في ذلك‬
‫كوني ولا تكون وتفلت من‬
                                                                                                  ‫ثقافته الموسوعية وقراءاته‬
                                                                                                    ‫وترجماته لرواد الحداثة‬

                                                                                                 ‫ال ّشعرية في العالم‪ :‬ويتمان‪،‬‬
                                                                                                  ‫رامبو‪ ،‬بودلير‪ ،‬ريتسوس‪،‬‬
                                                                                                   ‫بوشكين‪ ،‬ماياكوفسكي‪..‬‬
                                                                                                   ‫من الاستفادة من طرائق‬

                                                                                                      ‫كتاباتهم وتجريبها في‬
                                                                                                 ‫قصائده‪ ،‬مثلما نجد أسلوب‬

                                                                                                   ‫بودلير يتجلى واض ًحا في‬
   261   262   263   264   265   266   267   268   269   270   271