Page 7 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 7
افتتاحية 5
عنقي» ،وإرجاعها إلى الآية القرآنية « َو ُك ّل التأثر بالطريقة التي تكتب بها القصيدة:
إِ ْن َسا ٍن َأ ْل َز ْم َنا ُه َطآ ِئ َر ُه ِف ُع ُن ِق ِه َو ُن ْخ ِر ُج اختيار القاموس وتركيب الصورة
َل ُه َي ْو َم ا ْل ِق َيا َم ِة ِك َتا ًبا َي ْل َقا ُه َم ْن ُشورا”
(الإسراء ،)13 :واستعراض إمكانيات والاشتباك مع الواقع المحيط والإغراق في
تأويلها وربطها بباقي دوال النص. الذاتية والصدق ...إلخ إلخ .وعدم وجود
فرادة تجربة رفعت س َّلم نابعة من مقلدين –حتى الآن -لتجربة رفعت س َّلم
فرادة شخصيته ،وظهر هذا جليًّا منذ لا يقلِّل من قيمتها وصدقها وقدرتها على
كان طالبًا في الجامعة في خلافه الكبير
مع صديقه (اللدود) حلمي سالم ،الذي الحياة ،لأنها على الأقل ستظل شاه ًدا
أدى إلى خروجه من جماعة إضاءة على التجريب حين يصل إلى مداه ،وعلى
بعد عملية تصويت تغلب فيها سالم،
استفادة الشعر من الموسيقا والفن
وأسس مجلته «كتابات» وحده .الخلاف التشكيلي ،وعلى تعدد ثقافة الشاعر
الذي بدا شخصيًّا لم يكن كذلك –فقط،- وقدرته على العبور بقصيدته فوق حدود
وإنما كان بين طريقتين في فهم الشعر الفنون والآداب لمصلحة الفن ذاته.
وبالطبع لا يمكنني –ولا يستطيع أحد
ورسالته وأدواته ،تجربة حلمي سالم كائنًا من كان -أن يتنبأ بما قد يحدث مع
الرهيفة المنسابة المتسامحة ،التي تنفتح تلك التجربة الفريدة مستقب ًل ،ولنا أسوة
في تجربة مطر التي ُه ِّمشت سنوات
على الجميع بالتساوي دون خصومة طوال لمصلحة تجربتي عبد الصبور
أو انعزال ،وتجربة رفعت سلام في وحجازي ،ثم انحاز إليها السبعينيون
المقابل التي ُعنيت بالتشكيل منذ البداية، وأعادوا لها الاعتبار.
وإ ْن على استحياء ،والتي صمدت على مشكلة تعقيد وصعوبة تجربة رفعت
شكلها وصممت على فرادتها وإن س َّلم لم تتوقف عند القراء والشعراء
فحسب ،بل امتدت إلى النقاد أنفسهم،
كانت –وظلت -غريبة ،وقد انكشف هذا فكثيرون يبتعدون عنها باعتبارها -في
(الخلاف الجمالي) بين التجربتين في رأيهم -تح ِّمل الشعر أكثر مما يحتمل،
فالشعر حسب كثيرين هو قول هامس
تعبير كليهما عن ثورة 25يناير ،2011
ففي حين ذهب حلمي سالم إلى الغنائية يختار أيسر الطرق وأكثر الألفاظ
هشاشة للنفاذ إلى قلب القارئ وعقله.
والاسترسال والإكثار في ديوان كامل وبعضهم يدورون حول التجربة من
أخذ اسمه من هتاف الميدان «ارفع راسك خارجها دون أن يقتحم عوالمها بالفعل،
فوق» ،فضل رفعت س َّلم الاقتضاب فيكتبون كلا ًما كثي ًرا عن الحداثة
والغضب .فرح حلمي سالم باللحظة والتجريب ،ويأتون بمقتطفات من
الآنية العالية وتو َّحد معها وأصبح لسان من ِّظري الحداثة الغربيين ،دون أن يلجوا
حالها ،بينما تم َّهل رفعت س َّلم لأنه رأى القصيدة ذاتها ويستبطنوها ليستخرجوا
ما بها من (لعب) و(علاقات) ودلالات.
أبعد ولم يستبشر خي ًرا. لكن البعض –وهم قليلون حد الندرة-
كما أن شاعرية رفعت س َّلم ليست في سيتج َّرأون ويحاولون أن يفعلوا ذلك..
قصائده فحسب ،فتلك قليلة إذا قيست وهنا أذكر مقال محمود أمين العالم
عن تجربة الشاعر الراحل حلمي سالم،
بتجارب مجايلة كتجربة حلمي سالم وأتذكر تأويلاته لجملة «خذوا الأوزة من
التي أشرت إليها ،أو تجارب جمال
القصاص وأمجد ريان ومحمد سليمان
ومحمد عيد إبراهيم ،لكن تجربته
الشعرية مرتبطة بمشروعه الثقافي بوجه