Page 93 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 93
91 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
َو ِئي َدا؟ أ َجن َد ًل َيح ِمل َن أم َح ِدي َدا؟ بالأعمال الأخرى ،وبالاستناد إلى الترابطات التي
َبل ال ِّر َجا ُل ُر َّك ًعا ُس ُجو َدا(( .)82مع الآية «تراهم
ركعا سجدا» الفتح) نقیمها فيما بينها ،وليس النص المعارض وحده
الذي يبدع في تواز وتقابل مع نموذج معين ،بل إن
الاتكاء على بيت يزيد بن الحكم الثقفي: كل عمل فني يبدع على هذا النحو».
َذ َه َب الَّ ِذين أُ ِح ُّب ُهم،
َو َبقي ُت ِمث َل ال َّسي ِف َفر َدا(.)83 ويرى أن باختين هو أول من صاغ نظرية حول
الاتكاء على بيت عمرو بن معد يكرب: تعدد القيم النصية المتداخلة ،فهو يجزم بأن عنص ًرا
( ُكن ُت اق ِصد: مما نسميه رد الفعل على الأسلوب الأدبي السابق،
َيا َل ْي َتنِي َح َج ُر. يوجد في كل أسلوب جديد ..والفنان ينمو في عالم
َتخ ُطو ال ُف ُصو ُل
ِج ْس ِمي، َع َل َو َتن َح ِد ُر)(.)84 مليء بكلمات الآخرين ،فيبحث في خضمها عن
طريقه ..وفكره لن يجد إلا كلمات قد تم حجزها.
لهذا فإن تودوروف يسمى الخطاب الذي يعتمد في
الشاعر يتناص مع إبداعه السابق ،فالاتكاء على بنائه على هذا الاستحضار بشكل صريح (خطا ًبا
ديوان (إشراقات رفعت سلام) ،فالنص يوضح متعدد القيمة)(.)78
«ال َفا ُرو ُق»: َقا َل ال َج َد ُل، ّولمَّا احت َّد
تشرب النص الحالي لنصوص سابقة ،أو ظهور «عليك ِل بال َّسي ِف،
نصوص سابقة داخل النص؛ وهو ما يوضح ِف ُع ُنق َمن َل ُي َبايع».
التفاعل أو التصارع ،وهو مصطلح سيميولوجي لَركَم َّين ُاتل َّدَن َمف ِفساي َفضي َنه،ه ًرَوا َيسقَب َطح ُع ُتالإِبَللااَدلَّ ،فضا َّف ِةصاالَبأنخي َرالمىَل،ل.
وتفكيكي م ًعا ،يذهب أصحابه ،وفي مقدمتهم
كريستيفا Julia Kristevaوبارت Barthes
أق َط ُع ال َوق َت بالغ َناء(.)79
وجينيت ،Genetteإلى أ ّن أي نص يحتوي على يرى (ليتش )Leitchأن «النص ليس ذا ًتا مستقلة،
نصوص كثيرة ،نتذكر بعضها ،ولا نتذكر بعضها
الآخر ،و»هي نصوص شكلت هذا النص الجديد، أو مادة موحدة ،ولكنه سلسلة من العلاقات مع
فالكتابة نتاج لتفاعل عدد كبير من النصوص نصوص أخرى ..إن شجرة نسب الن ّص شبكة
المخزونة في الذاكرة القرائية ،وكل نص هو حت ًما غير تامة من المقتطفات المستعارة شعور ًّيا أولا
نص متناص ،ولا وجود لنص ليس متداخ ًل مع شعور ًّيا»( )80بعبارة أخرى هو كل ما يجعل ن ًّصا
نصوص أخرى»(.)85 يتداخل مع نصوص أخرى بشكل مباشر أو غير
فهو كما عرفه محمد مفتاح بقوله« :التناص مباشر.
هو تعالق نصوص مع نص حدث بكيفيات كما نجد ميشال ريفاتير Micheal Rifatterيشير
مختلفة( .)86فالتناص أو التناصية أو التعدية لمصطلح التناص في كتابه (إنتاج النص) حيث
النصية هو ترحال للنصوص وتداخل نصي ،أو أعطاه طاب ًعا تأويليًّا غدا معه آلية خاصة للقراءة
هو ما يجعل ن ًّصا ما يتعالق مع نصوص أخرى الأدبية من مراتب التأويل الأدبي ،ولهذا ع َّرفه بأنه
بطريقة أو بأخرى؛ ذل َك أ َّن «ك ّل كتابة أو ن ْقش «إدراك القارئ للعلاقة بين نص ونصوص أخرى
امتداد لسابقاتها ،تثير سجا ًل معها وتنتظر ردود
قد سبقته أو تعاصره»( .)81وهذا يوضح التداخل
فعل نشطة في الفهم ،تتجاوزها وتستبقها”(.)87 النصي ،أو بالأحرى التفاعل النصي؛ مما يعني
وكما يشير إلى ذلك تحديد (جينيت) للتناص بأنه تداخل النص مع نصوص أخرى ،وأن النص هو
الحضور الفعلي لنص في نص آخر ،فالتناص خلاصة عدة نصوص.
« َف َهل ُكن ُت أُ َرف ِر ُف ِف
يكون عند جينيت بحضور متزامن بين نصين َنو ِمي؟ أم َحلَّق ُت َط ِوي ًل ِف ال ُحل ِم الأ َب ِد ِّي إِ َل أن
أو أكثر من نص ،فثمة مرجعيات شتى سعى أن َب َت َجس َدى ِري َش ال َّطي َران؟ ُقل ُتَ ِ :ل ال ِج َما ُل
َمش ُي َها
النص إلى الانفتاح عليها ،بل لقد أصبح العالم
بكل تفصيلاته ومكوناته مرج ًعا مركز ًّيا ،يأخذ