Page 88 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 88
العـدد 26 86
فبراير ٢٠٢1
الاجتماعي في لا دلاليته. مع التنظيم الشكلي؛ لتكوين نص واحد ،سواء َأ َو َق َع
وقد أشار فرانسو ليوطار Lyotard.F Jإلى علاقة الرسم بالكلمات أم كان رس ًما مستق ًّل مصحو ًبا
بحروف أو بكلمات توضيحية.
اللفظي بالدال التصويري ،فالفضاء النصي عنده ُيع ُّد ديوا ُن (أرعى الشياه على المياه) من النماذج
هو «الذي يتم فيه تسجيل الدال الخطي ،بحيث
يتم إدراكه كعلاقات داخل نسق يحدده المقام التي تحفل بتشكيلات بصرية اعتمد عليها الشاعر
التخاطبي ،وهو فضاء لا يستدعي مشاركة ولا في تكثيف دلالة النص وتمرير مقصدياته المغايرة؛
فمن خلال الفضاء البصري حاول الشاعر تدعيم
موق ًعا مح َّد ًدا لجسد المتلقي ،لأن هذا الأخير يوجد الدلالة اللغوية ،ونقل المتلقي إلى الفضاء البصري،
ملغى في هذه الحالة .أما الفضاء التصويري فهو:
الذي يتطلب الوعي من كليهما لفهم دلالات
ما استدعى مرجعية في موقع المتلقي ومشاركة العلامات ،وفك شفراتها ،وعندما تختلط العلامات
تؤشر عليها مدة التلقي البطيئة التي تعوض المسح
اللغوية بالرسوم والأشكال تنطلق القراءة من
البصري السريع من امتلاك الشكل لا امتلاك الصورة إلى النص ،وتعود من النص إلى الصورة؛
العلاقات النسقية»(.)50 فكلاهما متكاملان (النص والرسم) ،فالتداخل بين
الخطي والصوري ينقل النص إلى بلاغة مختلفة،
اللقطة السينما شعرية تستدعي الحواس المختلفة ،وقد فتحت الوعي على
إنتاج دلالة جديدة ،وعوالم مختلفة؛ من أجل خلخلة
التحول في واقع القصيدة الحداثية فرض عليها البعد الخطي للغة الشعرية« :ف ُتنحت القصيدة نحتًا،
أشكا ًل جديدة في التعبير ،وفي طرائق التصوير،
فما عادت تركن للصور الساكنة ،بل أخذت تشتق وتبقى شفافة خفيفة كالهواء ،تشرق حتى من
حركتها من الصور المتحركة ،وهنا ظهر التأثر بفن داخل صعوبتها نفسها ،وتتحول إلى ما يشبه الحلم
السينما والمشهد السينمائي. الرهيب ،أو إلى ما يشبه الفكر الحالم في فضاء
المشهد أو اللقطة السينمائية هي الصورة المفردة جديد وغريب»(.)47
التي نراها على الشاشة قبل القطع والانتقال إلى
ويعد التشكيل البصري بنية أساسية من ِبنى
صورة أخرى ،كما عرفها (تيموثي كوريجان) الخطاب الشعري الحديث ودا َّل ثر ًّيا «يوجه فعل
(.)51 التلقي استنا ًدا إلى أدوات مفهومية ُتم ِّكن من دراسة
شكل العلاقات لا كمعطى ثابت ،بل بوصفه صي ًغا
هناك فرق بين اللقطة الشعرية واللقطة السينمائية، متحولة ،تنتظم وتشتغل على نحو يسهم في إنتاج
فاللقطة الشعرية تعتمد على التأمل ،والتكثيف
الدلالة»(.)48
والدهشة والتخيل ،في حين اللقطة السينمائية لقطة إن التوزيع البصري قد ارتبط بالإنساني؛ لأنه
ناطقة ،تعتمد على المشهدية والمعاينة. ُيظهر اللغة في تفاعلها مع فضائها ،وقد ظهر ذلك
« َفأ َنا أ َق ُع الآ َن أع َل « ِسن في تصور (ميشونيك) النقدي لأن «فضاء الصفحة
وفضاء القصيدة ،والفضاء الثقافي لا يمكن أن
َنم َل ِة ال ِّد َّبا َن ِة» َت َما ًما ،ان َت ِظ ُر ال َّطل َق َة ال َقا ِد َم َة × 7.62 تنفصل عن بعضها ،لأننا لا نلمس اللغة دون
39 أن نمس فضاءها ونظريتها»( ،)49كما استطاع
هنري ميشونيك Henri Meschonicأن يرى في
ِمن َسط ِح َمبنًى َما ِبالمي َدا ِن ،أو طلقة ال 115ملم بلاغة التنظيم الطباعي للنصوص بلاغة جديدة
ِمن َد َّبا َب ِة ال 62 Tال َّرا ِب َض ِة مضادة تأخذ فيها الدوال غير اللغوية أهميتها في
ِف انتِ َظا ِر أ َوا ِمر ال َقص ِف، تشكيل المعنى الكلي للخطاب؛ وهذا يساهم في تلقي
أو ِمن َو َرا ِء ُسو ِر المت َحف المغامرات الطباعية للشعراء ،والتي لا يمكن فصلها
أو ،أو ،إِ َلخ ،إِ َلخ؛»()52 عن شعرهم ،م َّما يجعل البصري ينحرف إلى غير
تعتمد قصيدة اللقطة السينمائية على الصورة
والإشارة والكلمة؛ مما يسهم في إثراء النص،
والارتقاء بالنص الشعري ،وقد قاد التداخل بين