Page 84 - ميريت الثقافية- عدد رقم 26 فبراير 2021
P. 84

‫العـدد ‪26‬‬    ‫‪82‬‬

‫فبراير ‪٢٠٢1‬‬

   ‫ما يتخفى وراء السطح الزلق‪ ،‬أن يع ِّري الأوهام‬
 ‫والتواطؤات الكاذبة‪ ،‬أن يفضح كل فردوس زائف‬
  ‫وأبنية لامعة براقة آيلة للانهيار القادم‪ ،‬أن يشير‬

   ‫إلى أفق لم ير أح ٌد ومضاته التي تغطيها الغيوم‪.‬‬
‫إن الهوامش التي ُيقدمها الشاعر هي بالأصل قراءة‬

   ‫لنصه‪ ،‬وهي انبثاق نص مواز يتجاوز المعروض‬
      ‫الأصلي لمعرفة جديدة‪ ،‬وإحالة جديدة‪ ،‬وإنتاج‬
      ‫جديد‪ ،‬يبقى لنا (البحث) كشف أسباب لجوء‬

  ‫الشاعر إلى هذه الهوامش؛ وهذه الأسباب تختلف‬
     ‫من نص إلى نص‪ ،‬وهذا ما لم يستطع الشاعر‬

   ‫أن يكشفه في ن ّصه‪ ،‬ملتق ًطا الكثير من إسقاطات‬
‫الذات المنتجة في فتح عتبة تأولية محفزة على إنتاج‬

                                         ‫المعنى‪.‬‬
     ‫إن الهوامش «استكمال وتفريع للنص وتعليق‬

            ‫إضافي إلى متنه جزء حيوي منه لكسر‬
     ‫غنائيته»(‪ ،)30‬الهوامش في نص رفعت س َّلم‬
 ‫ليست مجرد تفري ًعا للنص‪ ،‬بل جز ًءا من القصيدة‬
‫لا تكتمل إلا به‪ ،‬وهي عتبة من عتبات النص في بناء‬

                               ‫الفضاء الصوري‪.‬‬

          ‫التشكيل البصري‬

    ‫إن التشكيل البصري يتآلف مع الشكل الكتابي‬
   ‫للقصيدة‪ ،‬بكل ما تتركه من فواصل‪ ،‬وفراغات‪،‬‬
‫وعلامات ترقيم‪ ،‬وأشكال هندسية تتخذها الصفحة‬
 ‫الشعرية؛ وهذا يساهم في توجيه المتلقي إلى أهمية‬
‫المبصورات في إنتاج دلالة النص الشعري‪ ،‬فالمعطى‬
‫الكتابي المعتمد على التشكيل البصري ُم َولِّد و ُمو ٍّجه‬
    ‫للدلالة الشعرية‪ ،‬والتشكيل البصري في (أرعى‬
 ‫الشياه على المياه) لا يعتمد على تفاوت الأسطر في‬
  ‫الطول والقصر‪ ،‬أو التفاوت السطري المتدرج‪ ،‬أو‬
   ‫التفاوت السطري المتقطع‪ ،‬أو التفاوت السطري‬
    ‫الموجي (الشاعر لا يبث مخزونه الداخلي دفعة‬
 ‫واحدة‪ ،‬وإنما على موجات سطرية تطول وتقصر‪،‬‬
    ‫وتمتد وتنحسر‪ ،‬تب ًعا لحالة التجربة)‪ ،‬التفاوت‬
 ‫السطري الدرامي‪ ،‬بل يعتمد على التعادل السطري‬
‫في كتابة كل صوت داخل النص الشعري‪ ،‬وهذه لا‬
  ‫يمنع من وجود بعض الأصوات بتشكيل مختلف‬

      ‫ومغاير في صفحات أخرى‪ ،‬وهو ما عبر عنه‬
   79   80   81   82   83   84   85   86   87   88   89